انتصار قضائي لطالبي اللجوء- إيطاليا
محكمة في صقلية ترفض احتجاز طالب لجوء مصري
“هناك شك في أن الدولة التي يحكمها الجنرال السابق عبد الفتاح السيسي يمكن اعتبارها آمنة”
أصدرت محكمة كاتانيا في صقلية قرارًا يرفض احتجاز طالب لجوء مصري وصل إلى جزيرة صقلية في 10 سبتمبر، مشيرة إلى أن هناك “أسباب كافية” للشك في اعتبار مصر دولة آمنة. هذا القرار يأتي على الرغم من تصنيف مصر ضمن قائمة الدول الآمنة التي حدثتها الحكومة الإيطالية في مايو الماضي.
بدأت القضية عندما قرر قائد شرطة راغوزا احتجاز طالب اللجوء المصري بناءً على قائمة الدول الآمنة. التي تم تحديثها من قبل الحكومة واضافة مصر بها، ومع ذلك، أبدت المحكمة الصقلية شكوكها بشأن توفر الشروط اللازمة لاعتبار مصر آمنة، مستندة إلى تقارير منظمات دولية تُدين انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، منها تقرير لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وتقرير منظمة العفو الدولية لعام 2024، اللذين وثقا حالات تعذيب وسوء معاملة ممنهجة من قبل الشرطة المصرية. كما أشار التقرير إلى ممارسات التعذيب والانتهاكات النفسية والجسدية ضد المعتقلين.
كانت منصة اللاجئين مع 40 منظمة حقوق إنسان أخرى قد أصدرت بيانا مشتركا حول مرسوم وزارات الداخلية والخارجية والعدل الإيطالية الصادر في 7 مايو الماضي، والذي يقرر تحديث وتوسيع قائمة البلدان الآمنة للمتقدمين للحصول على الحماية الدولية. زادت القائمة من 16 إلى 22 دولة لتشمل بنجلاديش، الكاميرون، كولومبيا، مصر، بيرو وسريلانكا، مع وضع عدد من العوائق الإشكالية لطالبي اللجوء من الدول المدرجة، كأداة للحد من الضمانات القانونية وإمكانية الوصول إلى حق اللجوء، وأشارت المنظمات أن إدراج مصر ضمن الدول الآمنة يثير القلق العميق، لأنه يهدد بشكل خطير إمكانية حصول طالبي اللجوء المصريين على الحماية الدولية.
أثار القرار تساؤلات حول إستراتيجية الحكومة الإيطالية بقيادة جورجيا ميلوني في إدراج مصر كدولة آمنة، خاصة في ظل قضايا بارزة مثل مقتل جوليو ريجيني واعتقال الناشط باتريك زكي. كما أشار القرار إلى ضرورة احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية، مؤكدا أن الدول “الآمنة” هي فقط تلك التي تسود فيها سيادة القانون، مع وجود “نظام فعال للطعن في انتهاكات هذه الحقوق”. وتساءلت المحكمة عن مدى إمكانية اعتبار دول مثل مصر وتونس وبنغلاديش آمنة في ظل الانتهاكات الحقوقية الموثقة فيها.
من جهة أخرى، رفضت محكمة باليرمو أيضًا احتجاز ستة طالبي لجوء آخرين في ميناء بورتو إمبيدوكلي، من بينهم خمسة مصريين وبنغلاديشي، مما يعزز الشكوك حول مدى أمان الدول المدرجة في القائمة.
من المتوقع أن تُعقد جلسة أخرى في محكمة النقض بروما في ديسمبر المقبل لتحديد ما إذا كان بإمكان القضاة التحقق من أمان الدول المدرجة في القائمة بشكل فردي، مما قد يؤثر على إستراتيجية الحكومة الإيطالية للاحتجاز في أثناء إجراءات الحدود العاجلة، لكن يبقى الحكم الصادر بمثابة انتصار للاجئين من جميع الدول التي تحكمها أنظمة مستبدة، وبقدر ما هو انتصار للاجئين، فهو انتصار كذلك على محاولات عسكرة الحدود الجنوبية لأوروبا، وإغلاقها أمام الراغبين في الهروب من واقعهم الاقتصادي والسياسي المتردي.