انتصار قضائي- إيطاليا
محكمة روما تقر حق اللجوء السياسي والحماية الدولية للناشط والمدافع الصحراوي محمد الديحاني
المغرب وتونس ليست بلاد آمنة
“لقد انتظرت خمس عشرة سنة هذه اللحظة، أن أكون في بلد آمن، تحت حماية الدولة التي تستقبلني. إنها تجربة جديدة تمامًا بالنسبة لي، حيث أستطيع الآن فهم معنى الحماية. بالنسبة لي، القضية الرئيسية هي القضية الصحراوية والحرية”، المدافع عن حقوق الإنسان محمد الديحاني بعد صدور قرار المحكمة.
حكمت المحكمة المدنية في روما يوم 16 سبتمبر/أيلول الجاري بمنح الناشط الصحراوي محمد الديحاني صفة اللجوء في إيطاليا، بعد نحو عقد من خروجه من السجون المغربية عام 2015 واتهامه بالإرهاب لنشاطه في قضية استقلال الصحراء الغربية والدفاع عن حقوق أهالي الصحراء الغربية، وهو الحكم الذي يعارض الرفض الصادر عن لجنة الحماية الدولية في روما في مايو/أيار من العام الماضي.
يؤكد هذا الحكم أن المغرب ليس بلدًا آمنًا يمكن لمحمد أن يعود للعيش فيه، بعدما غادر الصحراء الغربية وهو ابن تسع سنوات، منتقلا إلى إيطاليا حتى عام 2009 الذي عاد فيه إلى مسقط رأسه في مدينة العيون، عاصمة الصحراء الغربية، وهناك تعرض للقمع من الشرطة المغربية التي تسيطر على ثلثي أراضي الصحراء الغربية، وذلك بسبب نشاطه لصالح المجتمع الصحراوي، واعتُقل الديحاني واختفى مدة ستة أشهر تعرض فيها للتعذيب، وحُكم عليه بتهمة “الإرهاب” وبعد أربع سنوات أُفرج عنه في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015.
حاول محمد العودة إلى إيطاليا لطلب العلاج والتأهيل بعد تعرضه للتعذيب، لكنه لم يستطع الحصول على تأشيرة من السلطات الإيطالية بسبب إدراجه تحت وصف “إرهابي” في نظام (SIS – شينغن) بإيعاز من الحكومة المغربية، وفي عام 2019 انتقل إلى تونس بمساعدة من منظمة العفو الدولية، ومن هناك لجأ إلى محكمة روما لمنحه حق دخول إيطاليا لتقديم طلب لجوء، فوطنه ليس آمنًا، وذكر الديحاني في طلبه أن تونس باتت غير آمنة له أيضا.
أخيرا، منحت المحكمة محمدًا إذن الدخول في يوليو/تموز عام 2022 بعد معركة قضائية، لتقديم طلب اللجوء والاستماع إليه من قبل اللجنة المعنية بالاعتراف بالحماية الدولية والتي رفضت طلبه بشكل ” غير مبرر” كما وصفته المحكمة، مما دفع محاميه لتقديم طعن أمام المحكمة المدنية بروما، وبعد أكثر من عامين منحته المحكمة المدنية حق اللجوء السياسي، بعد اعتبارها أيضا أن وصف “إرهابي” وصف غير قانوني لمحمد الديحاني، وذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن لا يزال هناك طعن على رفض هذا الوصف منظور ولم يصدر فيه قرار النقض بعد تقديم الديحاني طلبًا للوصول وإلغاء البيانات الشخصية الموجودة في نظام SIS، لأنها تعبر عن إدراجات غير قانونية من قبل السلطات المغربية. وأجابت وزارة الداخلية الإيطالية في مناسبتين أن أسباب إدراج المدافع لا يمكن الكشف عنها لأنها تستند إلى ملف مصنف تحت بند سري، مؤكدًة أن ديحاني يشكل تهديدًا للأمن القومي الإيطالي، وصدور قرارين قضائيين في مناسبتين حول عدم قانونية الإدراج والذي طعن عليه محامو الدولة.
” هذا الحكم الهام للغاية إلى جانب إقراره لحق الزميل محمد الديحاني في الحماية الدولية منذ اليوم الأول لوصوله إلى إيطاليا، فإنه أيضا يوضح مدى الظلم والانتهاكات المستمرة التي لحقت بمحمد حتى بعد تقديمه طلب الحماية الذي تم رفضه من اللجنة الإقليمية، هذه القضية هي مثال ظاهر حول الانتهاكات التي يتعرض لها ملتمسي اللجوء والإجراءات القاسية التي تحرمهم من حقوقهم التي أقرتها لهم المواثيق الدولية، يجب أن يتوقف ذلك الآن، لمحمد وآلاف اللاجئين وملتمسي اللجوء ” يقول نور خليل المدير التنفيذي لمنصة اللاجئين في مصر تعليقا على قرار المحكمة.
وتعلق الوحدة القانونية بمنصة اللاجئين في مصر على الحكم:” يعد هذا الحكم سابقة مهمة للغاية، فمن جانب فإنه يوضح بلا مجال للريبة فيه القمع المنهجي الممارس من جانب السلطات المغربية بحق شعب الصحراء الغربية وفي نفس الوقت تعامل السلطات الأمنية المغربية مع النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ومدى استهدافهم وتعرضهم للخطر خاصة في سياق الدفاع عن حقوق أهل الصحراء الغربية، ومن جانب آخر فإن الحكم يوضح أن لا أساس لتصنيف المغرب كواحدة من الدول الآمنة،حيث لا يمكن اعتبار دولة آمنة يمارس فيها التعذيب والاختفاء كنمط لأجهزة الدولة دون مسارات للعدالة وهو ما أكد قرار المحكمة أنه مازال الوضع القائم في المغرب دون تحسين، إلى جانب ذلك فإن الحكم يؤكد أقوال الديحاني حول وضع حقوق الإنسان في تونس بالنسبة للمدافعين عن حقوق الإنسان من التونسيين وغير التونسيين، لهذه الأسباب وغيرها فإن قرار المحكمة إلى جانب اقراره حقوق المدافع محمد الديحاني فإنه سوف يصبح حجة قانونية في العديد من القضايا الأخرى المرتبطة في السياق العام أو الخاص”.
يؤكد حكم الاستئناف الذي يعترف بوضع اللاجئ مرة أخرى أن السلطات الإيطالية لم تتمكن، خلال ثلاث إجراءات مختلفة، من دعم أو تبرير من خلال الوثائق أو الأدلة مزاعم خطر محمد ديحاني. لذلك، وفقًا للمحكمة، فإن المعلومات التي قدمتها وزارة الداخلية لدعم تقييم خطر الناشط تأتي من المغرب، أي من نفس الدولة المسؤولة عن الاضطهادات.
اعتبارًا من 16 سبتمبر، لدى وزارة الداخلية ثلاثون يومًا لتقديم استئناف إلى محكمة النقض ضد الاعتراف باللجوء.