بيان موقف من منصة اللاجئين: “على السلطات المصرية تنفيذ ما تقول أنها تلتزم به، هذا يجب أن يتوقف الآن” 

بيان موقف من منصة اللاجئين: "على السلطات المصرية تنفيذ ما تقول أنها تلتزم به، هذا يجب أن يتوقف الآن" 

قبل  أيام من جلسة الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في مصر

حملة اعتقالات واحتجاز وترحيل قسري للاجئين/ات في مصر على نطاق وطني

بيان موقف من منصة اللاجئين: “على السلطات المصرية تنفيذ ما تقول أنها تلتزم به، هذا يجب أن يتوقف الآن” 

تعرب “منصة اللاجئين في مصر” عن إدانتها الشديدة للإجراءات الأخيرة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية المصرية التابعة لوزارة الداخلية بحق اللاجئين وملتمسي اللجوء في مصر، وتبدي  قلقها العميق  من استمرار عمليات التوقيف والاعتقال الممنهجة بحق اللاجئين/ات من الجنسيات الإفريقية على مستوى الجمهورية وإعادتهم قسرا إلى مناطق النزاعات ومناطق  يُخشى عليهم فيها من التعرض لخطر يهدد حياتهم/هن، وقد رصدت منصة اللاجئين خلال متابعتها الأوضاع في الآونة الأخيرة، أن  الغالبية العظمى من الحالات التي تم توثيقها كانت لحملة الجنسية السودانية؛ وهي الدولة  التي  تمر  بأكبر أزمة إنسانية في العالم حيث  تستمر الانتهاكات بحق المدنيين -خاصة النساء والأطفال- مع استمرار النزاع المسلح.

تأتي هذه الانتهاكات الصارخة على الرغم من  التحذيرات والإدانات المتكررة من قبل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، التي أشارت إلى خطورة  هذا النهج المستمر والمتصاعدة وتيرته في بعض الأوقات في السنوات الأخيرة، وأكدت مرارا وتكرارا ضرورة احترام السلطات المصرية لالتزاماتها القانونية الوطنية والدولية تجاه حماية اللاجئين وضمان عدم تعرضهم للممارسات غير القانونية  خاصة عمليات الترحيل القسري التي تنتهك حقوقهم الأساسية في التشريعات المحلية والقانون الدولي.

تضمن التصعيد الأخير نمطًا متكررا من حملات الاعتقال الممنهجة التي تستهدف  اللاجئين/ات الحاملين/ات لجنسيات إفريقية، بناء على لون البشرة والأساس العرقي ، يليها  احتجاز غير قانوني، ثم ترحيل قسري فردي أو جماعي للأشخاص دون تمكينهم من حقهم في التماس اللجوء أو التمتع بالإجراءات القانونية التي يتمتع بها ملتمسو اللجوء واللاجئون، وشملت تلك الممارسات ملتمسي اللجوء وبعض اللاجئين  المسجلين/ات لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وآخرين/ات من حاملي/ات تصاريح إقامة سارية، أما الغالبية فهم قادمون/ات جدد ينتظرون مواعيد التسجيل لدى المفوضية السامية. وتظهر هذه الانتهاكات بشكل واضح  استمرار تجاهل السلطات المصرية للقوانين الوطنية والدولية التي تلزمها بحماية حقوق اللاجئين وضمان سلامتهم.

منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، وعلى مدار يناير/كانون الثاني الجاري، رصدت ووثقت منصة اللاجئين في مصر زيادة ملحوظة في عدد  البلاغات المتعلقة بتوقيف واحتجاز  أشخاص من ذوي البشرة السمراء الحاملين لجنسيات إفريقية في العديد من المحافظات، وتشير الإحصائيات إلى أن معظم الموقوفين/ات من حاملي الجنسية السودانية ثم الإريترية، خلال هذه الفترة وثقت المنصة احتجاز لاجئين سودانيين وإريتريين، وسوريين من بينهم نساء وأطفال في محافظات (الإسكندرية، ومطروح، وأسوان، والقاهرة الكبرى).

ووفقا  لما تم توثيقه فإن العديد من الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية جزء من هذه العمليات، تعتمد نمطًا يرتكز على توقيف الأشخاص في الأماكن والمواصلات العامة مثل (محطات الأتوبيس والقطارات، الأكمنة الثابتة على الطرق، الأكمنة الثابتة داخل تجمعات اللاجئين، أكمنة متحركة داخل تجمعات اللاجئين)، بعد التوقيف يتعرض الموقوفون لاحتجاز غير قانوني لمدد  متفاوتة المدة يمنع فيها من التواصل مع ذوية أو محاميه، وقد يُعرض بعضهم في تلك الفترة  على النيابة العامة بتهمة التواجد غير القانوني ودخول مصر بجواز سفر غير ساري المفعول أو عدم حمل تصريح إقامة سارٍ في مصر، بينما تقرر النيابة في هذا النوع من القضايا إخلاء سبيل المتهمين لعدم كفاية الأدلة وتذَيِّل قرارها بـ”الجهة الإدارية المختصة وشأنها”.

يتبع ذلك عملية استعلام عن المحتجزين  في عدة جهات منها “الأمن الوطني والجوازات” وتنتهي غالبا بإصدار قرار ترحيل من الأجهزة الأمنية ممثلة في الأمن الوطني والإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، ثم يعرض المحتجزون على سفارتهم لاستخراج وثائق سفر اضطرارية لمن فقدت وثائقه أو انتهت، بعدها تعمل القطاعات الأمنية الأخرى على الترحيل القسري من خلال المعابر الحدودية للدول التي تشترك معها في الحدود مثل السودان، أما الدول الأخرى فيتم ترحيلهم برحلات جوية على نفقة سفاراتهم، والوجه الآخر لهذه العملية يتم الترحيل بعد التوقيف دون العرض على النيابة العامة.

شكل الموقوفون من حملة الجنسية السودانية النسبة الأكبر من بين  الموقوفين في محافظة أسوان الحدودية، ومحافظات الصعيد الواقعة على  طريق أسوان  إلى القاهرة، معظم التوقيفات تمت في محطات القطارات والأتوبيسات ومن خلال أكمنة على الطريق إلى القاهرة. كان أغلب  الموقوفين في طريقهم لحضور مقابلة التسجيل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، “وهي المقابلة التي يتم فيها التسجيل بشكل رسمي وإعطائهم وثيقة تفيد التماس اللجوء”، وقد حاولت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر فتح مكتب حدودي لها في أسوان بعد أشهر قليلة من نشوب الحرب  في السودان وذلك لاستقبال طلبات اللجوء وعمل المقابلات ولكن رفضت السلطات المصرية ذلك، كما كان من بين الموقوفين أفراد يحاملون بطاقات التسجيل لدى مفوضية اللاجئين كلاجئين أو ملتمسي لجوء، وتعرض بعضهم للترحيل لاحقا.

وثّقت منصة اللاجئين في مصر خلال الأسبوعين الماضيين، حالتين بارزتين من الاعتقال الجماعي. الأولى كانت في مدينة كوم أمبو، إذ أوقفت قوات من الشرطة عددًا من الأفراد في محيط المدينة وفي محطة قطار كوم أمبو. بعض هؤلاء الموقوفين  كانوا في طريقهم لحضور مقابلات بمكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وآخرون طلاب بجامعة القاهرة. تم احتجازهم في قسم شرطة كوم أمبو في ظروف وصفت بأنها غير إنسانية، وضمّت المجموعة أطفالًا رُضّعًا ومسنين. لاحقًا، نقلوا بحافلات إلى أبو سمبل، وأُبلغوا في البداية بأن وجهتهم هي  أسوان، ثم تبين لاحقا  أن الهدف هو ترحيلهم مباشرة إلى السودان في اليوم التالي.

أما الحالة  الثانية  فقد شملت عشرات الموقوفين  “فرادى  وعائلات” من حاملي الجنسية السودانية تم توقيفهم في محيط مدينة أسوان، علمت منصة اللاجئين أن من بينهم لاجئين/ات يحملون أوراق إقامة سارية، وآخرين  لديهم مواعيد تسجيل لدى المفوضية السامية. تم احتجازهم في قسم شرطة أول أسوان في ظروف قاسية وغير إنسانية حسب شهادة أحد المحتجزين/ات، التي أكدتها أدلة مرئية اطلعت عليها المنصة، تظهر احتجاز عشرات من الأشخاص الذين أفاد أحد المصادر أنهم حاملين للجنسية السودانية، من بينهم شباب ولكن معظم ما أظهرته الأدلة المرئية التي اطلع عليها باحثو المنصة كانت لفتيات ونساء وأطفال تم احتجازهم داخل ساحة قسم الشرطة والمسجد الملحق به، في ظروف لا إنسانية، بينما تم ترحيل بعضهم/هن لاحقا قسرا عبر معبر أرقين بحسب شهادة أحد المرحلين/ات.

في القاهرة الكبرى وثقت منصة اللاجئين عمليات توقيف ممنهجة في أحياء مختلفة، من بينها فيصل والهرم وأرض اللواء وإمبابة والدقي ووسط البلد، ووثقت منصة اللاجئين احتجاز لاجئين/ات من الجنسية الإريترية والسودانية، بالنسبة لحملة الجنسية السودانية يتم إجبارهم على التوقيع على أوراق تتضمن إفادات بقبولهم العودة الطوعية، بينما يطلب من عائلاتهم/هن حجز تذاكر طيران لهم/هن لبورتسودان، أو إعادتهم عبر معبر أرقين البري  إلى السودان، كما وثقت منصة اللاجئين في مصر احتجاز سيدة سودانية مسنة في مطار القاهرة في أثناء عودتهن من السعودية وأخبرتهم/هن السلطات الأمنية بأن هناك قرار ترحيل صدر بحقهم/هن.

أما  المحتجزون/ات الإريتريون/ات فيتعرضون إلى الإجبار على التوقيع على وثائق السفر الاضطرارية لمرة واحدة إلى إريتريا، وتطلب السلطات المصرية من السفارة الإريترية استخراجها للمحتجزين/ات ليتم ترحيلهم عبرها، ويستمر احتجاز الأشخاص الذين يرفضون إتمام هذه العملية في ظروف احتجاز سيئة للغاية.

يأتي ارتفاع وتيرة هذا النمط الممنهج بعد العديد من التقارير الحقوقية والتحقيقات خلال السنوات الماضية عن احتجاز السلطات المصرية للاجئين وملتمسي اللجوء وحرمانهم من حق التسجيل وإتمام عملية التماس اللجوء، خلال إبريل/نيسان 2024 أصدرت منصة اللاجئين تحقيقها المشترك مع ذا نيو هيومانتريان عن القواعد العسكرية التي تستخدمها السلطات المصرية في احتجاز اللاجئين السودانيين الذين اضطروا لعبور الحدود المصرية لطلب اللجوء بينما يتم احتجازهم في ظروف سيئة وترحيلهم قسرا بشكل غير قانوني ومخالف للمواثيق الدولية.

في  الاستعراض الدوري الشامل لملف حقوق الإنسان لمصر، طالبت منصة اللاجئين في مصر خلال تقريرها المشترك وفي بيانها بالجلسة التحضيرية بأن تلتزم مصر  بالتوقف الفوري عن عمليات احتجاز اللاجئين و ملتمسي/ات  اللجوء وترحيلهم/هن والالتزام بتمكين اللاجئين من الوصول إلى إجراءات التماس اللجوء، وأنكرت  السلطات المصرية ذلك في تقريرها المقدم، ونفت وجود مقرات احتجاز للاجئين وملتمسي اللجوء، وهو ما يتنافى مع الشهادات التي توثقها المنصة، ومنظمات حقوقية أخرى.

مع دخول قانون لجوء الأجانب المصري الجديد حيز التنفيذ، الذي انتقدته المنظمات الحقوقية والمقررون الخاصون للأمم المتحدة لعدم اتفاقه مع الالتزامات الدولية وانتهاكه للقانون الدولي وشروط الحماية الأساسية، وروجت له الحكومة المصرية باعتباره يوفر حماية قانونية أكبر للاجئين ويضمن لهم حماية قانونية. مع دخول القانون حيز التنفيذ نجد أن المادة 13 منه قد حظرت رد اللاجئ أو إعادته قسريًّا إلى الدولة التي يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة، وهي تعكس التزامًا قانونيًّا واضحًا بمبدأ عدم الإعادة القسرية ورغم ذلك  يتم انتهاكها بشكل صريح من خلال الإجراءات المتخذة ضد اللاجئين السودانيين. وهو ما ينبئ بأن التطبيق العملي لهذا القانون يظهر عكس ذلك تمامًا،وهو ما يضع الدولة أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية لتصحيح هذه الانتهاكات وضمان الامتثال الكامل للقوانين الدولية والمحلية على مستوى التشريع والممارسة، والتوقف عن ترويج الروايات المضللة للاستفادة من المعاناة التي تضاعفها الإجراءات.

تعيد منصة اللاجئين تأكيد أن هذه الإجراءات تتعارض مع:

  1. القانون المصري والدستور، الذي ينص على احترام الحقوق والحريات الأساسية ومنع الاعتقال والترحيل التعسفي.
  2. الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، التي وقعت عليها مصر وتلزمها بمبادئ تشمل عدم العقاب بسبب الدخول غير النظامي وعدم احتجاز اللاجئين.

وتوصي “منصة اللاجئين في مصر” بالآتي:

  1. توفير إطار قانوني يوفر ضمانات الحماية الأساسية وعلى رأسها الحماية من الاحتجاز والترحيل للاجئين ويضمن حقوق اللاجئين وملتمسي اللجوء، وتعزيز الأطر المؤسسية المرتبطة بذلك. وعليه يجب على السلطات المصرية إعادة قانون اللجوء للمناقشة والتعديل حتى يطابق المعايير الدولية، كما يجب على السلطات المصرية توفير شروط الحماية في أثناء تطبيق قانون مكافحة الهجرة غير الرسمية.
  2. التوقف الفوري عن الاعتقالات الممنهجة بحق اللاجئين وملتمسي اللجوء، والتمكين من التماس اللجوء، والالتزام بمبدأ عدم العقاب بسبب الدخول غير النظامي.
  3. الإلتزام بمبدأ الحماية من الترحيل القسري، والتوقف الفوري عن ترحيل/و أو إبعاد/ و أو الدفع للخلف للاجئين/ات وملتمسي اللجوء إلى مناطق يخشى عليهم فيها من التعرض لمخاطر تهدد حياتهم.
  4. إجراء تحقيقات شفافة ومستقلة في الانتهاكات التي تتم بحق اللاجئين وملتمسي/ات اللجوء من سلطات إنفاذ القانون.
  5. تمكين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من زيارة مقرات احتجاز اللاجئين/ات وملتمسي/ات اللجوء في مصر.
  6. تمكين المنظمات الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان من الوصول إلى المناطق الحدودية.
  7. التوقف عن تجريم المدافعين عن حقوق اللاجئين.

إن مصر، بصفتها دولة مضيفة للاجئين، تتحمل مسؤولية كبيرة في توفير الحماية لهم وضمان معاملتهم بكرامة واحترام. إن استمرار هذه الممارسات لا يعكس فقط انتهاكًا للالتزامات القانونية، بل يمس أيضًا صورة مصر الدولية وسمعتها كدولة تحترم حقوق اللاجئين.

تدعو “منصة اللاجئين في مصر” المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية لمتابعة هذا الملف عن كثب، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان التزام السلطات المصرية بتعهداتها.

Edition Scan this QR code to read on your mobile device QR Code for بيان موقف من منصة اللاجئين: “على السلطات المصرية تنفيذ ما تقول أنها تلتزم به، هذا يجب أن يتوقف الآن” 
Facebook
Twitter
LinkedIn