استهدف الاحتلال الإسرائيلي مساء الأحد 26 مايو/ أيار خياما للنازحين في منطقة تل السلطان، وهي المنطقة التي زعم جيش الاحتلال أنها منطقة آمنة ويمكن النزوح إليها، وذلك بعد بدئه عملية الغزو البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وبحسب الدفاع المدني الفلسطيني، فإن أغلب الجثث التي انتشلوها كانت متفحمة، ما جعلهم يعتقدون استخدام جيش الاحتلال لأسلحة محرمة دوليا، ونظرا لإغلاق معبر رفح منذ السابع من مايو/ أيار الجاري، وعدم خروج جرحى لتلقي العلاج في الخارج، وأيضا لعدم وجود مستشفيات عاملة بسبب القصف أو انعدام المستلزمات الطبية، فقد نُقل المصابون إلى المستشفيات الميدانية التي تعاني أصلا.
كما أوضح الدفاع المدني أن طواقم الإسعاف لم تتمكن من نقل عدد من الجثث المتفحمة إثر القصف الإسرائيلي، مشيرا إلى أن المنطقة المستهدفة تضم 100 ألف نازح.
رغم أن أعداد الضحايا لا تزال غير واضحة، إلا أن التقديرات الأولية تشير إلى استشهاد أكثر من 40 فلسطينيا حتى وقت كتابة البيان، وعشرات الجرحى الآخرين، جراء هذا القصف الذي استُخدمت فيه قرابة 8 أطنان من المتفجرات على “المنطقة الآمنة”.
وبحسب بيان لجيش الاحتلال الإسرائيلي، فقد زعم أنه “تم تنفيذ الضربة ضد أهداف مشروعة بموجب القانون الدولي، من خلال استخدام ذخائر محددة وعلى أساس معلومات استخباراتية دقيقة تشير إلى استخدام حماس للمنطقة”، وما ينسف المزاعم الإسرائيلية حجم الدمار والقصف الهمجي لمنطقة نازحين، فضلا عن كون معظم الضحايا من النساء والأطفال.
إن الوضع الانساني في مدينة رفح يثير قلقًا كبيرًا، حيث كانت رفح تستضيف (قبل بدء الغزو البري لها) أكثر من 1.3 مليون نازح، وهم يمثلون نحو نصف سكان قطاع غزة، وقد نزح بعض هؤلاء الأشخاص من أماكنهم نحو 6 مرات هروبا من القصف الإسرائيلي داخل القطاع.
ووفقا للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، فإنَّ نحو 900 ألف شخص نزحوا قسرًا من مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، حتى يوم 24 مايو/ أيار، وذلك جراء العملية العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، وهو ما يقارب 75 في المئة ممن نزحوا إلى المدينة من شمال ووسط وجنوب القطاع قبل بدء الغزو البري.
وكانت قد صدرت العديد من البيانات والمناشدات من مؤسسات دولية ودول وحكومات، بما في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة ومدير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وكذلك بعض الدول مثل الولايات المتحدة وفرنسا؛ محذِّرةً من خطورة الاقتحام البري لجيش الاحتلال الإسرائيلي على الوضع الإنساني، ورغم هذه المناشدات فقد بدأ العدوان على المدينة وفق جيش الاحتلال، في السادس من مايو/ أيار الجاري، ما يؤكد التجاهل الإسرائيلي التام للنداءات الدولية بما فيها الدول الداعمة لها.
إننا نعيد التأكيد والتحذير من أن الهجوم على رفح يعني تهجيرا قسريا جديدا لمئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة، ويعد التهجير القسري جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية أيضا، بحسب القانون الدولي، لما يصاحب الهجوم من تدمير كامل للمنازل والبنى التحتية والصحية في القطاع، كما فعل الاحتلال الإسرائيلي في كل مناطق القطاع التي توغل فيها بريا.
كما أنه قد يؤدي إلى اقتحام الحدود المصرية – الفلسطينية من قبل مئات الآلاف الفارين من الهجمات الوحشية لجيش الاحتلال، في محاولة متكررة لتصفية حقوق السكان الأصليين في بلادهم وأرضهم.
وتجدر الإشارة إلى أن معبر رفح هو المعبر البري الوحيد للقطاع مع حدود لا تخضع للسيطرة الإسرائيلية، هو مغلق منذ احتلال إسرائيل له يوم 7 مايو/ أيار حتى الآن، وأدى إغلاق المعبر إلى وقف تدفق المساعدات، الشحيحة أصلا، كما أدى إلى وفاة العشرات بحسب المرصد الأورومتوسطي، الذي ذكر أن “معدل خروج الحالات الطبية من معبر رفح كان يبلغ حوالي 40 حالة يوميًا قبل سيطرة الجيش الإسرائيلي على المعبر، وكان هذا الرقم يمثل فقط 3% من عدد الحالات المسموح لها بالخروج”.
على وقع هذا الهجوم اللاإنساني، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارًا بأغلبية 13 قاضيا من بين 15، تأمر فيه الاحتلال الإسرائيلي بـ:
- وقف هجومها على رفح جنوبي قطاع غزة، في إطار قضية أوسع تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
- فتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية، وإلزام إسرائيل بتقديم تقرير بالإجراءات المتخذة في غضون شهر.
- وأوضحت المحكمة أنه “للحفاظ على الأدلة على إسرائيل اتخاذ التدابير اللازمة لضمان وصول المحققين دون عوائق إلى غزة”.
واعتبرت المحكمة أن “الشروط مستوفاة لاتخاذ إجراءات طارئة جديدة في قضية اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية” في قطاع غزة، ومحكمة العدل الدولية هي أعلى سلطة تابعة للأمم المتحدة مختصة بالنظر في النزاعات بين الدول، والأحكام الصادرة عنها باتة وملزمة.
في المقابل، جاءت ردود الأفعال الإسرائيلية مستخفة بحكم الهيئة الدولية، فنقلت صحيفة “يسرائيل هيوم” عن مسؤول إسرائيلي بارز قوله، إن “هناك شيء واحد واضح هو أن الحرب لن تتوقف”، ويُعتقد أن التصريحات المنسوبة إلى ما يسمى بـ”مسؤول إسرائيلي بارز”، تعود إلى رئيس الوزراء نتنياهو.
أما الوزير في حكومة الحرب بيني غانتس، فقال إن “إسرائيل ملزمة بمواصلة القتال في كل وقت ومكان وأيضا في رفح”، وبدوره قال وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، إن “الرد على قرار المحكمة اللاسامية هو احتلال رفح وزيادة الضغط العسكري على حماس”، ولم تختلف مواقف المعارضة الإسرائيلية التي قال زعيمها يائير لابيد، إن “عدم الربط بين وقف القتال وعودة المختطفين وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها هو انهيار وكارثة أخلاقية”.
إن هذه التصريحات الإسرائيلية تجاه المحكمة وقرارها، والمدعومة باستمرار الغزو البري والدعم الأمريكي رغم قرار محكمة العدل الدولية، يجعل الاحتلال الإسرائيلي مارقا على النظام الدولي، ونشدد أنه يفتح الباب أمام اتساع نطاق العنف وسيادة منطق بسط الإرادة والسيطرة بالقوة، ويضع النظام الدولي برمته -دون مبالغة- على حافة الهاوية.
تطالب “منصة اللاجئين في مصر” بالآتي:
- وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
- التوقف الفوري عن استهداف مناطق النازحين التي حددها جيش الاحتلال بنفسه.
- اضطلاع المؤسسات الدولية بدورها في إلزام الاحتلال الإسرائيلي بوقف حربه الانتقامية على القطاع.
- إعلان الأونروا حقيقة المزاعم الإسرائيلية بكون منطقة الاستهداف كانت مركزا عسكريا لحركة حماس.
- فتح المعابر البرية لإدخال المساعدات للنازحين في جميع مناطق القطاع.