في ظل متابعتنا لحالة حقوق طالبي وطالبات اللجوء والمهاجرين والمهاجرات في مصر تلقت “منصة اللاجئين في مصر” معلومات حول احتجاز الحكومة المصرية لأكثر من مائتي طالب/ة لجوء من حملة الجنسية الإريترية في مقرات احتجاز مختلفة على خلفية دخولهم مصر بصورة غير نظامية.
وقامت ” منصة اللاجئين في مصر” بتوثيق أوضاع الاحتجاز التعسفي لملتمسي اللجوء في محافظة أسوان، دون محاكمة عادلة أو قرارات قضائية وبدون أي جريمة سوى الدخول إلى مصر بصورة غير نظامية بهدف طلب التماس اللجوء.
المحتجزون/ات في أقسام شرطة (دراو، وكوم إمبو، ونصر النوبة ومعسكر قوات الأمن المركزي بالشلال) تم القبض عليهم/هن في فترات مختلفة بين أعوام 2019 و 2020 و 2021. ظروف الاحتجاز سيئة للغاية، حيث يتم إحتجاز الأطفال في أماكن مخصصة للبالغين في زنازين ضيقة متكدسة، لا يتلقون فيها أي نوع من أنواع الرعاية الطبية ولا يتم السماح لهم/هن بالوقوف تحت أشعة الشمس، والطعام المقدم لهم/هن لا يكفي كما أو نوعا أو قيمة غذائية، كما أنه لا يسمح لهم/هن برؤية ذويهم/هن إلا على فترات متباعدة ولمدة دقائق معدودة.
لم يحصل المحتجزون/ات على حقهم/هن في المحاكمة العادلة أو الإحتجاز بناء على قرار قضائي، أو الطعن على قرار إحتجازهم/ن، كما لم يتم تمكينهم/هن من الحصول على حق الدفاع والتمثيل القانوني من محامي من إختيارهم/هن أو بتعيين من سلطة التحقيق والمحاكمة، و لم يتم إعلامهم/هن بأي اتهامات ضدهم/هن.
طلب المحتجزون /ات في العديد من المرات تمكينهم/هن من تقديم طلب التماس اللجوء وهو ما رفضته سلطات مقر الاحتجاز، كما لم يتلق ذويهم/هن رد من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حول طلبهم/هن تسجيل ذويهم/هن المحتجزين/ات كملتمسي وملتمسات لجوء، ورفضت إدارة الجوازات والهجرة والجنسية التابعة لوزارة الداخلية تسليمهم/هن إلى ذويهم/هن المقيمين في مصر ولديهم تصاريح إقامة ومحل إقامة ثابت ومعلوم برغم تقديمهم/هن طلبات تفيد صلة القرابة بينهم/هن.
بحسب معلومات من مصدر مطلع على أوضاع المحتجزين/ات فإن من بينهم/هن أربعة وأربعون طفلا وفتاة، أحد هؤلاء الأطفال وُلد أثناء الإحتجاز حيث كانت والدته حامل وقت اعتقالها في يونيو 2021 وتم إخراجها للولادة في إحدى المستشفيات ثم إعادتها مرة أخرى إلى مقر الإحتجاز، لا يتوفر للأطفال والفتيات أي نوع من أنواع الرعاية الخاصة لهم/هن من ناحية الدعم الغذائي والطبي والنفسي.
قامت السلطات المصرية خلال الأسبوع المنصرم وصباح اليوم بنقل 53 ملتمس/ة لجوء بينهم أطفال كانوا محتجزين في محافظة أسوان، وذلك بغرض العرض على السفارة الإريترية بالقاهرة لاستخراج وثائق سفر للبدء في ترحيلهم/هن، وهو ما حدث مع حالات أخرى وثقتها منصة اللاجئين في مصر في شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين، حيث قامت السلطات المصرية باستخراج وثائق سفر لخمسة عشر محتجز/ة إريتريين/ات من عائلة واحدة من بينهم/هن أطفال على دفعتين، على الرغم من رفضهم/ هن عملية الترحيل القسري، ولم تلتفت السلطات لأي من التحذيرات الحقوقية التي نشرتها ” منصة اللاجئين في مصر” ومنظمات أخرى، ولم تقم بالرد على بيان مجلس حقوق الإنسان الذين يدين عملية الترحيل القسري ويطالب بالإفصاح عن مصير المرحلين/ات، ويطالب بالتوقف عن الممارسات التي تخالف الإلتزامات الدولية التي تقوم بها الحكومة المصرية.
كما تلقت المنصة معلومات مؤكدة حول إنتهاء استخراج بطاقات سفر لواحد وعشرين ملتمس/ة لجوء من بين المحتجزين/ ات وقامت المنصة بفحص الوثائق وغيرها من الأوراق التي تثبت صحة المعلومات، يواجه الواحد وعشرين محتجز/ة خطر الترحيل الوشيك خلال الأيام القادمة بحسب ما صرحت به سلطات مقر الإحتجاز للمحتجزين/ات وما أعلمت به السفارة ذوي المحتجزين/ات دون تحديد ليوم الترحيل حتى الأن.
ومازالت السلطات المصرية تستمر في احتجاز ثلاثة من ملتمسي اللجوء الإريتريين بقسم شرطة القصير بمحافظة البحر من بينهم طفل، كما صرحت سلطات مقر الإحتجاز لهم أيضا بأنه يجري استخراج وثائق سفر لهم تمهيدا لترحيلهم، يأتي ذلك مع استمرار الإحتجاز التعسفي لملتمسي لجوء إريتريين في سجن القناطر الخيرية منذ أكثر من سبع سنوات بدون سند قانوني مع إصدار وثائق سفر لهم تمهيدا لترحيلهم.
لم يتلق المحتجزون/ات أي دعم قانوني من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمصر كما لم تتلق عائلاتهم/هن أي رد على الشكاوى المقدمة من قبلهم ولم يتم توفير أي نوع من أنواع الدعم لهم/هن.
يأتي هذا التصعيد المخالف للإلتزامات الدولية والمنطوي على انتهاكات تشمل الإحتجاز التعسفي في ظروف لا إنسانية وفي ظل معاملة سيئة واعتداءات وصولا للترحيل القسري من قبل الحكومة المصرية تجاه ملتمسي وملتمسات اللجوء الإريتريين القادمين إلى مصر بصورة غير نظامية منذ النصف الثاني من عام 2019 بعد أن قام مئات من ملتمسي اللجوء الإريتريين بالتجمهر أمام مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمدينة السادس من أكتوبر مطالبين بمزيد من الحماية والمساعدات وزيادة عدد حالات إعادة التوطين، وهو ما قابلته الأجهزة الأمنية حينها بالإعتداء على المتظاهرين وتفريق التظاهرة بالقوة مما تسبب في حالات إصابات وإختناقات إضافة لاعتقال العشرات الذين أفرجت عنهم الأجهزة الأمنية بعدها وبقي خمسة منهم واجهوا اتهامات بالتجمهر والتحريض وقطع الطريق وتم عرضهم على النيابة العامة وأفرج عنهم بعدها بضمان مالي.
إن الممارسات التي تتبعها السلطات المصرية على الحدود في التعامل مع ملتمسي/ ات اللجوء وترحيلهم/هن قسرا إلى بلد يخشى فيه على حياتهم/هن، هي مخالفات صريحة للدستور المصري الذي نص على حق اللجوء في المادة 91 للحقوق والحريات والواجبات العامة وللقانون المصري الذي رفع المسؤولية الجنائية على المهاجر المُهرَب ومنع عقابه في القانون 82 لسنة 2016 الخاص بمكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر، كما أنها انتهاك صارخ لإلتزامات مصر الدولية تجاه اللاجئين/ وطالبي/ات اللجوء التي وردت في اتفاقية عام 1951 الخاصة بحقوق اللاجئين ،والتي انضمت إليها مصر في عام 1981.
تدين منصة اللاجئين في مصر السلطات المصرية الاعتقال التعسفي والترحيل القسري الممنهج لطالبي اللجوء الإريتريين. يعد الاختيار بين قبول الترحيل أو الاحتجاز المطول دون مبرر قانوني ثم الترحيل القسري انتهاكًا لجميع المعاهدات والمواثيق التي وقعتها مصر وصدقت عليها ومخالفة للدستور والقوانين المصرية.
ندعو السلطات المصرية إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين والمحتجزات وضمان سلامتهم الجسدية، وتمكينهم/هن من إجراءات طلب اللجوء، ونحذر من تنفيذ أي عملية ترحيل قسري اخري مثل عمليتي الترحيل اللتين وقعتا في أكتوبر ونوفمبر الماضيين.
كما نحث المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر على التحرك من أجل تغيير السياسات التي تنتهك حقوق اللاجئين واللاجئات، والعمل على تمكين ملتمسي/ات اللجوء المحتجزين/ات من إجراءات التسجيل وطلب اللجوء، وتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة لهم/هن ولعائلاتهم/هن، والتدخل العاجل لتقديم الإغاثة اللازمة للمحتجزين/ات حاليا خاصة الأطفال وضمان سلامتهم/هن الجسدية والنفسية جميعا.
متاح ايضا باللغة الانجليزية: هنا