Search
Close this search box.
بيانات

قرار تسوية الموقف من التجنيد.. انتهاك دستوري وابتزاز لمصريي الخارج

فريق عمل منصة اللاجئين في مصر

منصة رقمية مستقلة تهدف لخدمة اللاجئين واللاجئات.

أعلنت وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج عن فتح باب التسجيل بمبادرة تسوية الموقف التجنيدي للمصريين بالخارج، اعتبارا من 1 مايو 2024 لمدة شهرين، وهي المبادرة التي أعلنتها الحكومة المصرية في يوليو/ تموز الماضي، مقابل 5 آلاف دولار/ يورو، وحينها قالت السفيرة سها جندي وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، إن “مبادرة تسوية الموقف التجنيدي للمصريين بالخارج، مبادرة استثنائية مستمرة لمدة 30 يوما فقط لا غير، وبعد ذلك سيكون تسوية الموقف التجنيدي عبر الإطار المعتاد”.

رغم تصريحات الوزيرة، فإن النظام الباحث عن مصادر النقد الأجنبي بأي وسيلة، قرر تكرار الإجراء بضغط غير أخلاقي وغير دستوري على الهاربين من سوء سياسات النظام الاقتصادية والسياسية، فأصبح ممنوعا على المصريين في الخارج تجديد جوازات سفرهم إلا بعد تسوية المواقف التجنيدية لهم، وهو ما يخالف المادة 6 من الدستور المصري التي تنص على: “الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية، والاعتراف القانونى به ومنحه أوراقا رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه”.

يتجاهل النظام المصري -كعادته- النصوص القانونية والدستورية، والحقوق الأساسية للمواطنين، دون اكتراث بما سيترتب على القرار من معاناة للمواطنين المستهدَفين به، ومعظمهم من الذين اضطرتهم الظروف إلى ملاقاة مخاطر الدخول السري إلى أوروبا على أمل تحسين حياتهم وحياة أسرهم، وبدلا من الانشغال بالإنفاق على أسرهم، مع تقاضيهم لدخل محدود غالبا، سيجدون أنفسهم أمام ابتزاز الحكومة لهم، ومطالبتهم بدفع مبلغ قد لا يتناسب مع دخولهم التي يتقاضونها في أعمال بسيطة.

منذ يوليو الماضي وبعد صدور القرار تقابلت “منصة اللاجئين في مصر” مع عدد من المصريين الذين وصلوا إلى أوروبا بشكل سري، والذين وضعهم القرار بين خيارات جميعها مر، فبين احتياجهم إلى العودة لملاقاة عائلاتهم بعد سنوات من عدم رؤيتهم -خاصة لهؤلاء الذين هاجروا وهم أطفال- وبين ارتفاع تكلفة رسوم التسوية التي تحتاج منهم إلى توفير دخلهم المحدود لعدة شهور في وقت تعاني عائلاتهم في مصر من الأزمة الاقتصادية وبحاجة لهذه الأموال، وبين عائق العودة وهو الخدمة العسكرية الإلزامية الذي لن يتوقف، يعيش كل هؤلاء ضغطا نفسيا كبيرا خاصة بعد صدور القرار، بينما يتفق جميعهم على أن هذا ابتزاز واضح من سلطات بلادهم لهم.

في الوقت نفسه فإن السلطات المصرية تغفل أن حرمان الأشخاص من الحصول على الوثائق الثبوتية الأساسية -وعلى رأسها للمقيمين بالخارج وثيقة جواز السفر- هو سبب ومبرر كبير لتقديم طلب اللجوء وقبوله من السلطات المختصة.

بسبب سياسات النظام أصبح المصريون في المرتبة الثامنة عشر للدول الأكثر بؤسا في العالم، ورغم ذلك لا يتوقف النظام عن استغلال المواطنين في الداخل بقرارات جباية، إلى أن وجد أخيرا فرصة ينفذ بها إلى الذين خرجوا من وطنهم، وأصبحت سياسة “ادفع لكي تمرَّ” سمة بارزة لعهد السيسي، خاصة أن المصريين في صدارة مجموعات المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى أوروبا عبر طريق البحر الأبيض المتوسط، الذي استخدمه أكثر من 143 ألف مهاجر في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023، بحسب الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل “فرونتكس”.

كما يثير هذا القرار عدم المساواة في الالتزامات المفروضة على المواطنين، فالتجنيد الإجباري -الذي نتحفظ عليه- ملزم لجميع الشباب ما بين 18-30 عاما، وفقا للقانون 127 لسنة 1980، وبسبب لهفة النظام نحو تحصيل الأموال بأي وسيلة، أصبح ممكنا لمن لديه المبلغ أن يتخلص من عبء منصوص عليه في الدستور بنص المادة 86: “الحفاظ على الأمن القومى واجب، والتزام الكافة بمراعاته مسئولية وطنية، يكفلها القانون. والدفاع عن الوطن، وحماية أرضه شرف وواجب مقدس، والتجنيد إجبارى وفقا للقانون”، فأصبحت الأموال عاملا للتخلص من الالتزامات القانونية والدستورية لمن يقدر عليها.

إن المساواة مبدأ منصوص عليها في المادة الرابعة من الدستور “السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات، ويصون وحدته الوطنية التي تقوم على مبادىء المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وذلك على الوجه المبين فى الدستور”، وهذا القرار يتعارض مع مساواة المواطنين ببعضهم، فهو يفرق بين المصري المقيم في البلاد والمصري المقيم في الخارج، ويقنن لاستغلال المصريين بالخارج واستغلال حاجتهم الماسة لاستخراج وثيقة السفر وإلجائهم لدفع مبالغ فيها تصل لخمسين ضعف المبلغ الذي يقوم المصري في الداخل بدفعه للحصول على الخدمة ذاتها، كما أنه أحد أشكال سوء استغلال القانون والدستور لتحقيق منفعة خاصة.

وجدير بالذكر أن التجنيد الإجباري في مصر يعرض الشباب إلى مهانات لا حد لها من قبل الدرجات والرتب الأعلى، دون أدنى قدرة من المجندين على دفع الإهانة، إذ إن مجرد الاعتراض على إهانة درجة أو رتبة أعلى، تؤدي إلى إهانة أكبر في أحسن الأحوال، وقد تمتد إلى الاعتداء البدني والاضطهاد وتصل في كثير من الأحيان للحبس التأديبي في الوحدة العسكرية، وفي أسوأ الأحوال قد يتعرض إلى محاكمة عسكرية تؤدي إلى عقوبة تطيل مدة خدمته وتقيد حريته، وهذه الأوضاع تعد سببا لكثير من الرافضين العودة إلى ديارهم إذا تمكنوا من الخروج قبل أن يصيبهم الدور التجنيدي، كما أنها سبب للتهرب من التجنيد داخل مصر، رغم ما يتبع ذلك من عدم وجود أوراق ثبوتية أو عمل لائق للمتهرب.

تدعو “منصة اللاجئين في مصر” السلطات المصرية إلى الآتي:

  1. إلغاء قرار تسوية الموقف التجنيدي للمصريين في الخارج عبر تحصيل الأموال.
  2. عدم ربط حق الحصول على الوثائق الرسمية بأي إجراء رسمي آخر.
  3. إعادة تسوية الموقف التجنيدي للمصريين بالمجان دون تحميلهم أعباء إضافية، ليتمكنوا من العودة إلى وطنهم دون الخوف من الاعتقال بسبب الخدمة الإلزامية.
{{ reviewsTotal }}{{ options.labels.singularReviewCountLabel }}
{{ reviewsTotal }}{{ options.labels.pluralReviewCountLabel }}
{{ options.labels.newReviewButton }}
{{ userData.canReview.message }}

الاكثر قراءة

اخر الاصدارات

فايسبوك

تويتر