Search
Close this search box.
أوراق قانونية

(عشرة أشهر من التجهيل والتجاهل) – ورقة موقف عن قرار رئاسة مجلس الوزراء رقم ٢٤٣ لسنة ٢٠٢٣.

الجزيرة 📷©️

فريق عمل منصة اللاجئين في مصر

منصة رقمية مستقلة تهدف لخدمة اللاجئين واللاجئات.

إشراك المجتمع المدني والمجتمعات المستهدفة في صياغة قانون “اللاجئين” ركيزة أساسية لضمان معالجة القصور والعجز وضمان الالتزام بالمعايير الدولية

وافق مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي في اجتماعه رقم ٢٤٣ في ٧ يونيو ٢٠٢٣، على عدة قرارات؛ من بينها مشروع قانون أسماه “قانون لجوء الأجانب”، وتضمن بيان مجلس الوزراء كلمات موجزة حول القرار ومعلومات عامة حول الفكرة الرئيسية لمشروع القانون، دون التعرض لأي من مواده والالتزامات التي ينص عليها والواجبات التي يقررها والإشكاليات في نظام اللجوء التي جاء يعدلها، والتي بقيت جميعها غامضة ولم يفصح عنها مجلس الوزراء أو مجلس الشعب الذي من المفترض أن تقوم اللجنة التشريعية بمناقشة مشروع القانون المقترح وتعديله إن رأت ذلك، تمهيدا لعرضه على الجمعية العامة لمجلس الشعب لمناقشته وإقراره، وهو ما دفعنا في “منصة اللاجئين في مصر” للانتظار لحين الإعلان عن معلومات أكثر من أي من الجانبين، وهو ما لم يحدث حتى الآن رغم مرور ما يزيد عن ٩ أشهر.

خلال ورقة الموقف هذه، توضح “منصة اللاجئين في مصر” ما تعرفه عن هذا القانون حتى الآن وتعليقاتها عليه

جاء في نص البيان الذي نشرته الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء وأيضا موقع الهيئة العامة للاستعلامات، “أن يلتزم اللاجئون وطالبو اللجوء بتوفيق أوضاعهم طبقا لأحكام هذا القانون خلال سنة من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية، ويجوز لرئيس الوزراء بعد موافقة مجلس الوزراء، مد المدة المشار إليها لمدة مماثلة، ويصدر رئيس مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية لهذا القانون خلال ستة شهور من تاريخ العمل به”.

كما نص بيان الإعلان عن القانون على أن تنشأ لجنة تسمى “اللجنة الدائمة لشئون اللاجئين”، تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتبع رئيس مجلس الوزراء، ويكون مقرها الرئيسي محافظة القاهرة، وتكون هي الجهة المهيمنة على شئون اللاجئين كافة بما في ذلك المعلومات والبيانات الإحصائية الخاصة بأعداد اللاجئين، كما تتولى بالتنسيق مع وزارة الخارجية التعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، وغيرها من المنظمات والجهات الدولية المعنية بشئون اللاجئين، وكذا التنسيق مع الجهات الإدارية في الدولة لضمان تقديم أوجه الدعم والرعاية والخدمات كافة للاجئين، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون اختصاصاتها الأخرى”.

كما ذكر بيان الإعلان أن القانون ينص على أن (يصدر بتشكيل “اللجنة الدائمة لشئون اللاجئين”، ونظام عملها، قرار من رئيس مجلس الوزراء خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون، وتُعد اللجنة تقريرا بنتائج أعمالها كل ثلاثة أشهر، يعرضه رئيسها على رئيس مجلس الوزراء، ويكون للجنة أمانة فنية، يصدر بتحديد اختصاصاتها ونظام العمل بها وتعيين رئيسها ومدته واختصاصاته قرار من رئيس مجلس الوزراء).

الإعلان عن مسودة مشروع القانون -التي يفترض أنه تم إرسالها إلى البرلمان- جاء مبهما من أي تفاصيل إضافية غير المذكور عاليه، كما لم يتم الإعلان عن مسودة المشروع بالكامل بشكل رسمي من خلال الحكومة أو من خلال البرلمان، وهو الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة حوله، وحول الغموض الرسمي الذي شمل الإعلان عنه.

من بين هذه التساؤلات، أن التفاصيل المعلنة تشتمل فقط على إلزام اللاجئين/ات وملتمسي/ات اللجوء توفيق أوضاعهم طبقا لأحكام القانون، بينما الحقيقة أن اللاجئين/ات وملتمسي/ات اللجوء المسجلين في مصر أوضاعهم موفقة بالفعل من خلال إعمال مذكرة التفاهم الموقعة بين الحكومة المصرية ومفوضية اللاجئين في مصر، وعليه فإن عملية التسجيل والإحصاء وتوفيق الأوضاع موجودة بالفعل، وتتشارك مسؤوليتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والحكومة المصرية من خلال وزارتي الداخلية والخارجية، فما هو الغرض من تشريع عملية توفيق أوضاع جديدة؟

وما يدلل على وجود إحصاء رسمي للاجئين، إعلان اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نهاية أغسطس الماضي، أن الأرقام الرسمية عن أعداد اللاجئين في مصر تشير إلى نحو 9 ملايين شخص، من بينهم 4 ملايين مواطن سودانى يليهم 1.5 مليون مواطن سورى وفق آخر رصد قبل الأزمة السودانية الأخيرة، وقدم وزير الصحة بيانا أكثر تفصيلا يتعلق بأعداد الذكور والإناث والعمر ومدة ومكان الإقامة في مصر، مع العلم أن عمليات العد والإحصاء المعلنة من الجهات المعنية لا تشمل تعريف واضح للشخص الذي ينطبق عليه صفة ” اللاجيء/ة”، وهو الأمر أيضا الذي لا يعالجة مقترح مشروع القانون الموافق عليه، وعليه فإن الجهة الوحيدة المسؤولة عن عملية تسجيل وإحصاء اللاجئين في مصر هي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بحسب مذكرة التفاهم، ووزارة الداخلية والخارجية بحسب الإجراءات اللازمة لملتمسي/ات اللجوء في ما بعد التسجيل

كما أنه وفقا لبيان الحكومة المشار إليه فإن هذا القانون سيسبب تنازع الاختصاص بين عمل “مكتب المفوضية في مصر” المعمول به طبقا لكل من الاتفاقية الدولية لحقوق اللاجئين ومذكرة التفاهم من جهة، واختصاص وعمل -ما أسماه بيان موافقة الحكومة على مشروع القانون- “اللجنة الدائمة لشئون اللاجئين” من جهة أخرى، إذ إن الاختصاص المذكور هو نفس اختصاص عمل المفوضية وسبب تواجدها وتداخلها مع النظام الرسمي المصري في عملية التسجيل اللجوء، ولم يذكر بيان الموافقة أي تفاصيل عن معالجة هذا التنازع، توقف المفوضية عن تقديم “خدمات التسجيل وتحديد الوضع” التي سوف يتم إسنادها إلى اللجنة المستحدثة بالقانون، وعليه يصير عمل مكتب المفوضية السامية في مصر كمقدم خدمات فقط للاجئين وملتمسي اللجوء؟ وهل يعني ذلك إنهاء أم تعديل مذكرة التفاهم الموقعة بين الحكومة المصرية والمفوضية السامية.

خلال هذه الفترة التي تجاوزت عشرة أشهر دون إصدار القانون، أو طرحه على الجلسة العامة لمجلس النواب، صدر قرار رئيس مجلس الوزراء، رقم 3326 لسنة 2023 الذي ألزم الأجانب المقيمين بالبلاد بصورة غير شرعية توفيق أوضاعهم وتقنين إقامتهم شريطة وجود مُستضيف مصري الجنسية، وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار، مُقابل سداد مصروفات إدارية بما يعادل ألف دولار أمريكي تودع بالحساب المخصص لذلك وفقًا للقواعد والإجراءات والضوابط التي تحددها وزارة الداخلية.

ثم صدر قراران لاحقان، مدَّ كل منهما فترة توفيق أوضاع وتقنين إقامة الأجانب المقيمين بالبلاد بصورة غير شرعية المنصوص عليها بالمادة الثانية من القرار المذكور.

إن القرار رقم 3326 كان يفترض أن ينظمه القانون الذي لا يزال مجهولا، ما يطرح التساؤلات حول سبب التأخر في طرحه ومناقشته، في حين أن الحكومة تتعجل إصدار قرارات أخرى تختص بالقانون ذاته، مع الأخذ في الاعتبار أن القرارات تأتي من منظور استغلالي وعقابي للمهاجرين/ات الذين اضطروا لدخول البلاد بصورة غير نظامية خاصة في الفترة الأخيرة مع حركة العبور الغير نظامي من السودان التي تسببت فيها القرارات المصرية بخصوص العبور على مدار الإحدى عشر شهرا الماضية، لتتحول عملية التقنين إلى أداة توفير للعملة الأجنبية على حساب الفئات الأكثر ضعفا في البلاد.

الملاحظ أن الضبابية التي أحاطت بالقانون -منذ اليوم الأول- امتدت لتشمل أعضاء مجلس النواب، بل أعضاء لجنة الشؤون الخارجية المعنيين بالنقاشات الأولية للقانون، فوفقا لتصريحات إعلامية للنائبة سهام مصطفى، عضو اللجنة، ذكرت إن القانون في مراحله النهائية وقد ناقشه مجلس النواب، وهو ما يخالف طريقة سن التشريع في مصر، إذا كانت الحكومة هي صاحبة الاقتراح، فقد جاء في المادة 158 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب “يعرض رئيس مجلس النواب على المجلس مشروعاتِ القوانين المقدمة من رئيس الجمهورية أو الحكومة أو عُشر أعضاء مجلس النواب فى أول جلسة تالية لورودها أو تقديمها بحسب الأحوال، ليقرر المجلس إحالتها إلى اللجان النوعية المختصة، وللرئيس أن يحيلها إلى اللجان النوعية المختصة مباشرة ويخطر المجلس بذلك فى أول جلسة… إلخ”، كما أظهرت مداخلة النائبة عدم إدراكها للفارق بين اللاجئ والمقيم الأجنبي.

إن سجل الحكومة المصرية يثير المخاوف والشكوك حول فاعلية أي قوانين ينظم شؤون اللاجئين، وممارسات الحكومة المصرية المتناقضة وانتهاكاتها للقوانين والمعايير الدولية تثير القلق بشأن التزامها بحماية الأفراد، بل إن منظورها في عملية صياغة التشريعات والقوانين المرتبطة باللاجئين/ات وملتمسي/ات اللجوء تأتي من منظور أمني عقابي يخالف القواعد الأساسية حول الحماية والعدالة، ويخلِّف انتهاكات، ويتيح الإفلات من العقاب، ولا يحقق العدالة للضحايا، كما أن الممارسات التي تقوم بها أجهزة الدولة الأمنية المبلغ عنها من منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية تثير مخاوف كبيرة بشأن مدى التزام هذه التشريعات بالمعايير الدولية فضلا عن دورها في ضبط الممارسات المنهجية ضد المهاجرين/ات.

مصر واحدة من الدول التي وقعت وصدقت على العديد من الاتفاقيات الدولية الأساسية المرتبطة بحقوق الإنسان وحقوق الأشخاص المتنقلين واللاجئين/ات، وبرغم من نص الدستور المصري في المادة 93 على أن: “تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقا للأوضاع المقررة”، وبالتبعية أصبحت تلك الاتفاقيات بمثابة قانون محلي أعلى درجة من القوانين العادية ولكن أقل من الدستور أعلى وثيقة قانونية في مصر إلا أنها تُنحى جانبًا عندما يتعلق الأمر بقضايا معينة؛ منها تعامل الحكومة مع اللاجئين/ات والأشخاص المتنقلين/ات. وهذا ما تؤكده الشواهد التشريعية والممارسات القائمة من صناع القرار ومنفذيه في مصر بهذا الصدد.

إن المخالفات والانتهاكات المسجلة والموثقة من الحكومة المصرية والتي مازالت مستمرة برغم تحذيرات أممية وحقوقية، سواء التي تم ارتكابها بحق المصريين/ات أو بحق الأشخاص المتنقلين، لست فقط انتهاكات للدستور المصري والقوانين المحلية، ولكنها تعد أيضًا خرقًا للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان التي تتضمن الحق في الحياة والحماية والأمان.

يثير هذا التاريخ الحافل بالانتهاكات المزيد من التساؤلات الجدية عن مدى المعرفة والإدراك والانفتاح وإدارة التغيير في حالة اعتماد مقترح مشروع القانون، والغموض حول إصداره، واستمرار اصدار قرارت غير قانونية حوله تتسبب في انتهاكات.

إن عملية إصدار تشريع يتعلق بتنظيم أوضاع فئة معينة في المجتمع، يجب أن تشمل عملية صياغته وتجهيزه مناقشات مطولة مع أصحاب المصلحة -المقصودين بهذا القانون- وسلطات اقتراح التشريع وإصداره، وهذا الأمر لم يحدث، وهو ما تسبب في إصدار القرارات المشار إليه التي أدت إلى تعقيد أوضاع الأشخاص المتنقلين المالية، والإجتماعية، كما كرست لوضع رفع الحماية القانونية عن الأشخاص والتمكين من الخدمات وعلى رأسها خدمات التسجيل وصعوبة التقنين وارتفاع مستويات الإبلاغ عن حملات الملاحقة التي تلاحق المهاجرين خاصة أصحاب البشرة السمراء، مما تسبب في رفع مستويات الخطورة على الأشخاص المتنقلين وخاصة النساء والأطفال غير المصحوبين بذويهم.

تتقدم “منصة اللاجئين في مصر” إلى صناع القرار والمشرع المصري بمقترحات من الممكن أن تتيح ضمانة إصدار تشريع يلتزم بالمعايير الدولية ويساعد في حل إشكاليات الإجراءات المدنية والجنائية والمعيشية للأشخاص المتنقلين/ات ويضمن حقوقهم/هن:

  • نشر وإتاحة مسودة مقترح مشروع القانون المتعلق بتنظيم أوضاع اللاجئين في مصر الذي أعلن مجلس الوزراء الموافقة عليه.
  • فتح باب المناقشة داخل اللجنة التشريعية في البرلمان، بما يشمل: استقبال المقترحات والإشكاليات القائمة، من جميع الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين.
  • فتح باب استقبال المقترحات، ومناقشة التقارير والإشكاليات من القيادات المجتمعية والأشخاص المتنقلين داخل مصر والمبادرات المجتمعية ذاتية التنظيم.
  • إعطاء مهلة مناسبة لمناقشة وجمع المقترحات والتقارير التي ترصد وتوثق الواقع العملي، خاصة القادمة من منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، ومن التنظيمات الذاتية داخل المجتمعات وقياداته المجتمعية.
  • إسناد عملية الصياغة الأولية للجنة خبراء يتم تشكيلها بقرار من اللجنة التشريعية في البرلمان، مع ضمان التعدد بمستوياته المختلفة لضمان مشاركة مجموعات وفئات مختلفة في عملية مناقشة جمع المقترحات والإشكاليات التي تم جمعها من جميع الفاعلين المحليين والدوليين الحكوميين وغير الحكوميين
  • ضمان مشاركة خبراء في القانون المصري والقانون الدولي في صياغة القانون لضمان التزام القانون بالمعايير والالتزامات الدولية التي وقعت وصدقت عليها مصر.
{{ reviewsTotal }}{{ options.labels.singularReviewCountLabel }}
{{ reviewsTotal }}{{ options.labels.pluralReviewCountLabel }}
{{ options.labels.newReviewButton }}
{{ userData.canReview.message }}

الاكثر قراءة

اخر الاصدارات

فايسبوك

تويتر