تقرير حالة ومذكرة قانونية من منصة اللاجئين حول قرارات الحكومة المصرية بخصوص دخول وإقامة السوريين

تقرير حالة ومذكرة قانونية من منصة اللاجئين حول قرارات الحكومة المصرية بخصوص دخول وإقامة السوريين

This post is also available in: الإنجليزية

مع بداية عام 2024، أصدرت السلطات المصرية مجموعة من القرارات والتعليمات الأمنية المتتابعة عبر الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية التابعة لوزارة الداخلية بصورة غير رسمية، فلم ينشر أي منها في الجريدة الرسمية، بعضها مُعلن من خلال مصادر أمنية تحدثت مع وسائل إعلامية، وبعضها الآخر غير مُعلن ولكن يتم تطبيقه، وتتعلق القرارات بوضع السوريين/ات المقيمين/ات في مصر، من المسجلين وغير المسجلين أو القادمين إليها.

أتت بعض من هذه القرارات في وقت سابق من العام 2024، والأخرى في النصف الثاني من ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، والأيام الأولى من يناير/كانون الثاني 2025 الجاري، إذ شهدت الفترة الأولى تقاربًا بين السلطات المصرية ونظام بشار الأسد، كان من بينها تفاهمات حول تسهيل وتنظيم عمليات الإعادة إلى سوريا، وكانت منصة اللاجئين في مصر قد أصدرت تحذيرًا سابقًا عنه خلال العام الماضي[1]، بينما تأتي مجموعة القرارات الأخرى في وقت تشهد فيه سوريا تغيرات جذرية داخلية بعد سقوط نظام بشار الأسد.

كما تستمر الأوضاع السورية في عدم استقرار على كل مستويات معايير الأمان المرتبطة بالعودة، وفق تقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين[2]، إذ يعاني السوريون من تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية، ما يجعل العودة إلى الوطن خيارًا محفوفًا بالمخاطر، خاصة أنه بات مفتقرًا إلى مقومات الحياة الأساسية في مساحات شاسعة من أراضيه، ما جعل قرابة 90% من السوريين[3] تحت خط الفقر، ويحتاج أكثر من 15 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية.

ورغم أن الكثير من السوريين في مصر تحت وطأة تحديات اقتصادية ومعيشية صعبة، إلا أنهم ساهموا عبر السنوات الماضية بشكل كبير في دعم الاقتصاد المصري. إذ تشير البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة إلى أن استثمارات السوريين في مصر تتجاوز 800 مليون دولار[4]، وفقًا لبيان الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة. وتتراوح أعداد المصانع والورش السورية في مصر ما بين 5 آلاف إلى 7 آلاف مصنع وورشة[5]، إلى جانب الأنشطة التجارية المتنوعة الصغيرة ومتناهية الصغر منها، ما أضفى تنوعًا اقتصاديًّا وثقافيًّا على المجتمع المصري.

في هذه الورقة، ستركز “منصة اللاجئين في مصر” على السياق القانوني للسوريين في مصر بشكل عام، نستعرض فيها الأوضاع السابقة، والتغيرات في السياسات المصرية تجاه اللاجئين السوريين، منذ عام 2012، بالإضافة إلى الإجراءات التي عمَّمتها السلطات المصرية مؤخرًا، دون وجود قرارات رسمية بها، وانتهاء بالإجراءات الجديدة، عقب سقوط النظام السوري، التي يجريها النظام السياسي عبر أدواته التنفيذية والقانونية، وإيضاح مدى دستورية وقانونية وإنسانية هذه الحالات وموافقتها للمعايير والالتزامات الدولية، فضلًا عن عملية التربح من الأزمة السورية.

ثم تطرح الورقة تعليقات قانونية لـ”منصة اللاجئين في مصر”، على التشريعات والإجراءات المصرية بحق السوريين، كما تناقش الحجة الأساسية التي يتذرع بها النظام المصري للإعادة إلى سوريا، باعتبارها “دولة آمنة”، ثم تختتم بتقديم مقترحات عملية حول كيفية التعامل مع أوضاع السوريين، بما يضمن خروجهم الآمن من مصر عند العودة إلى وطنهم، دون تعريض حياتهم للخطر. كما تطرح رؤية لآليات تساهم في تحسين صورة التعامل الإنساني، ليتم تقدير الإنسان واحترام حقوقه وتعزيز كرامته، بشكل يعكس التزامًا بالقيم الإنسانية والقوانين الدولية.

أولًا، تغيرات السياسات المصرية بخصوص دخول وإقامة ومعيشة السوريين/ات داخل جمهورية مصر العربية:

1- تغيرات جذرية تبعًا لتغير الإدارة السياسية في مصر (ملخص بين 2012 – 2024):

منذ اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، كانت السلطات المصرية تسمح للسوريين بدخول مصر دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة أو تصاريح أمنية إضافية عند أو قبل وصولهم -وهو الوضع القانوني العادي- وكان الحصول على الإقامة السياحية ميسَّرًا، بتصاريح لمدد تتراوح بين شهر إلى ثلاثة أشهر، الأمر الذي سهَّل تواجد السوريين دون حاجة -العديد منهم- إلى الدخول في إجراءات التماس اللجوء لدى مفوضية اللاجئين.

إلا أنه في يوليو/تموز 2013، بعد التغيرات السياسية التي شهدتها مصر بعزل الرئيس الراحل محمد مرسي وتعيين المستشار عدلي منصور رئيسا مؤقتا للجمهورية، فرضت السلطات قيودًا جديدة على دخول السوريين. فقد أصبحت التأشيرة المسبقة والموافقة الأمنية شرطين أساسيين لدخولهم، ما مثّل تحولًا كبيرًا عن الوضع السابق. رغم هذه التشديدات، استُثني السوريون الحاصلون على إقامات في دول مثل الولايات المتحدة، شنغن، بريطانيا، وكندا، من شرط الحصول على موافقة أمنية لدخول مصر.

في هذا الوقت بدأت عملية إصدار “الموافقة الأمنية” في الصعود، مع وجود شركات سياحة تقوم باستخراج هذه الموافقة تحت مظلة أجهزة أمنية مصرية مختلفة.

بحسب المصادر التي تحدثت معها “منصة اللاجئين” فإن “عملية التنسيق الأمني تتم منذ عام 2013 عبر مجموعة من الشركات بعضها تابع لجهاز المخابرات العامة، وأخرى تتبع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، تقوم هذه الشركات بتحصيل رسوم تتفاوت قيمتها بالدولار للشخص الواحد، للحصول على الموافقة الأمنية التي تسمح للأشخاص بدخول مصر لمدة التأشيرة الصادرة، ولا تعطي الحق في الإقامة”، وهو ما أطلق عليها اصطلاحا داخل مجتمعات السوريين في مصر بـ”تأشيرة الأمن الوطني” أو “تأشيرة المخابرات”، بحسب تبعية الشركة التي تقوم بإنهاء عملية التنسيق.

منذ أواخر العام 2013 واجه العديد من السوريين صعوبة كبيرة في الوصول إلى مصر، وحُرم المسجلون لدى مفوضية اللاجئين من الخروج من مصر قبل طلب إغلاق ملفاتهم. هذا التغير السريع في سياسات الدخول إلى البلاد حرم العديد من العائلات من خططها للمِّ الشمل في مصر، ومثَّل عائقا أمام اللاجئيين الباحثين عن ملاذ آمن لطلب اللجوء، بينما شكَّل عقبة كبيرة للطلاب/ات الراغبين/ات في الدراسة في مصر، ما أجبرهم على البحث عن طرق بديلة حتى وإن كانت طرقًا غير نظامية مميتة[6] عبر الدخول من السودان في رحلة عبر الصحراء يتعرض فيها الأشخاص لأشكال مختلفة من الاستغلال والانتهاكات، وبينما لا تقوم السلطات المصرية بتنفيذ عمليات بحث وإنقاذ، فإن عشرات الحالات تم توثيق وفاتهم/ن[7] في هذا الطريق.

من جهة أخرى، تسبب رفع الحماية القانونية عن السوريين/ات (سواء كانوا مسجلين/ات لدى مفوضة اللاجئين أم لا) في تقوية خطاب الكراهية والتحريض، وقد تبنته وسائل إعلام عديدة في مصر ضد السوريين/ات المتواجدين فيها، ومثَّل غطاء لانتهاكات قانونية.

وقد وثقت منظمات حقوقية عمليات استهداف وتضييق على اللاجئين السوريين في مصر، تضمنت الترحيل القسري ورفض دخول بعضهم، بالإضافة إلى الإبعاد دون إجراءات قانونية. وأشار تقرير مفوضية اللاجئين لعام 2022 إلى إعادة قسرية لخمسة سوريين، بينهم ثلاثة مسجلون. كما رصدت منصة اللاجئين حالات ترحيل قسري للسوريين تحت دعاوى “الصالح العام”، مثل قرار ترحيل خالد رياض الخطيب في فبراير/شباط 2021 ويامن إبراهيم البيطار في سبتمبر/أيلول 2022، دون منحهم فرصة للطعن القانوني.

وكانت مصر قد رحَّلت لاجئين سوريين قسرًا إلى دمشق في يناير/كانون الثاني 2013، وكادت أن ترحل 13 آخرين قبل تدخل منظمات دولية، بحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”. وفي يوليو/تموز من العام نفسه، كشفت المنظمة عن تهديد مصر بترحيل 14 لاجئًا وطالب لجوء، بالإضافة إلى ترحيل عضو في المجلس الوطني السوري. ودعت منظمة العفو الدولية في أكتوبر/تشرين الأول 2013 السلطات المصرية إلى وقف ترحيل 36 لاجئًا سوريًّا قسرًا إلى دمشق، وطالبت في إبريل/نيسان 2014 بوقف ترحيل لاجئيْن سوريين اثنين وطالب لجوء آخر. وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، طالبت بوقف ترحيل 56 لاجئًا قسرًا.

في يوليو/تموز 2023 وعقب موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون لجوء الأجانب في السابع من يونيو/حزيران، صدر قرار من الإدارة المركزية لشؤون الطلاب الوافدين في مصر برفع رسوم القيد الجامعي[8] للوافدين ليصل إلى 2000 دولار أمريكي، ولم يستثن القرار السوريين للمرة الأولى منذ بدء توافدهم إلى مصر.

وفي سبتمبر/أيلول من العام نفسه، أصدرت وزارة التربية والتعليم المصرية، قرارًا خاصًّا بتحديد الرسوم الدراسية الخاصة بالطلاب الوافدين في المدارس الحكومية[9]، ولم يستثن القرار السوريين أيضًا على غير العادة.

فى فبراير/شباط 2023 أعلنت الرئاسة السورية عبر قناتها على تطبيق تيليجرام عن “زيارة وزير الخارجية المصرى سامح شكرى لبشار الأسد نقل فيها رسالة من عبد الفتاح السيسي أكد فيها تضامن مصر مع سوريا واستعدادها مواصلة الدعم واعتزاز مصر بالعلاقات بين البلدين وحرص القاهرة على تعزيز هذه العلاقات وتطوير التعاون المشترك بين البلدين”، هذه الزيارة التي حذرت “منصة اللاجئين في مصر” منها، خوفًا من أثرها في وضع اللاجئين السوريين في مصر، تبعتها قرارات قاسية وغير قانونية بحق السوريين.

بدءا من يوليو/تموز 2024 تلاحقت القرارات التي قلبت أوضاع السوريين في مصر، فمنعت السلطات تجديد الإقامات السياحية للسوريين، وأفاد سوريون[10] بإبلاغهم من الأجهزة الأمنية بوجوب الخروج من مصر والعودة إليها مرة أخرى لتقديم إقامة سياحية، وذلك كل ستة أشهر، وهو الإجراء المطبَّق دون صدور قرار رسمي، كما أن إفاداتهم بتلك التعليمات كانت من أماكن حكومية متفرقة، ما يعني أنه قرار عام وليس تصرفًا فرديًّا. ولم يعد بإمكان السوريين الحصول على تصريح إقامة سياحية، إذ أصبحت الموافقة الأمنية من جهاز الأمن الوطني شرطًا أساسيًّا، بينما تفيد المصادر التي تحدث معها باحثو المنصة “أن عملية مراجعة تتم منذ مطلع 2024 لملفات السوريين المقيمين في البلاد لإصدار قرارات إبعاد لبعضهم”، بناء على ما وصفته المصادر بـ”الخطورة على الأمن العام”، تفيد المصادر أيضا أن عملية التنسيق الأمني حاليا تتم من خلال الشركات التابعة للأمن الوطني فقط دون “جهاز المخابرات العامة”.

وكما حُرم الأشخاص من تجديد تصاريح إقامتهم، فإن الطلاب من هذه الأسر في مراحل التعليم المختلفة حرموا من الوصول إلى التعليم، وذلك بناء على شكاوى عديدة تلقتها “منصة اللاجئين في مصر” خلال العام 2024، من أُسَر رُفضت طلبات ذويهم للتقديم في المدارس الحكومية، وكانت السلطات المصرية تثير الذعر داخل مجتمعات اللجوء بشكل عام بعد اقتحام وإغلاق مدارس مجتمعية لبعض جنسيات اللاجئين المقيمين في البلاد، كما جرى توقيف طلاب وأساتذة وترحيلهم خارج البلاد، على نطاق وطني شمل العديد من المحافظات من بينها العاصمة القاهرة والجيزة والإسكندرية، وقامت السلطات الأمنية بعمليات توقيف لغير المصريين شملت سوريين تحت مسمى “التحقق من الهويات”.

ووفقًا لمصادر من إدارة الجوازات، “لم يتم منح أي تصريح إقامة سياحية للسوريين خلال عام 2024، ورُفضت جميع الطلبات دون رد واضح أو تجاهلها بالكامل”. وفي حال رفض الطلب، يمنح المتقدم مهلة سبعة أيام لمغادرة البلاد.

اعتبرت “منصة اللاجئين في مصر” هذا النوع من الإجراءات شكلًا من أشكال تقييد الحق في حرية الحركة والإقامة، ما يتسبب في مخاطر أعلى بحق الأشخاص المتنقلين وحرمان من الوصول إلى العديد من الحقوق على رأسها حق الوصول إلى التماس اللجوء، وذلك يتعارض بشكل صريح مع التزامات مصر الدولية من بينها مبدأ عدم التمييز المنصوص عليه في الاتفاقيات الدولية.

وفي يوليو/تموز أيضًا، ألغت الحكومة المصرية إعفاء الأطفال السوريين[11] المقيمين على أراضيها من رسوم الإقامة، وألزمتهم بدفع تسوية مقابل السنوات الماضية، وذلك من دون إعلان رسمي أو تعميم من إدارة الهجرة والجوازات، وكانت الحكومة المصرية تعفي الأطفال السوريين دون سن الـ16 من رسوم استخراج الإقامة، وحتى من دفْع الغرامات المفروضة على المتخلفين عن استخراج الإقامة، كما أن الإقامة لم تكن تُطلب من الطفل السوري إلا عند تسجيله في المدرسة، وطالبت الحكومة السوريين بدفع غرامات تأخير على الأطفال[12] بقيمة 5 آلاف جنيه عن كل عام لم يُسجَّلوا فيه، وذلك بأثر رجعي، ليفاجأ أولياء الأمور بمطالبتهم بمبالغ قد تصل إلى 30 ألف جنيه عند إصدار الإقامة للطفل في أول مرة، من أجل إلحاقه بالمدرسة.

وفي أغسطس/آب 2024، أصبح التسجيل في المدارس الحكومية[13] يقتصر على حاملي بطاقة اللجوء بشرط وجود إقامة سارية عليها للطالب ووالديه، في حين أن 90% من السوريين في مصر لا يحملون بطاقة اللجوء، فمفوضية اللاجئين لم تسجل إلا 150 ألف سوري فقط وفقًا للتقارير الصادرة عنها، وتتحدث تقديرات الحكومة المصرية عن 1.5 مليون سوري داخل مصر، وبغض النظر عن دقة الأعداد فإن القرار المفاجئ قبل بضعة أسابيع من بدء العام الدراسي تسبب في إرباك آلاف الأسر السورية التي يدرس أبناؤها في مصر، واضطروا إلى اللجوء إلى التعليم الخاص والمعاناة من تكاليفه الباهظة.

وفي الشهر نفسه، أصدرت مصر قرارًا بإلغاء الإعفاءات للسوريين[14] من رسوم التأشيرات والإقامات، وبدأت في تحصيل الرسوم وفق القوانين الجديدة، بقيمة 25 دولارًا أمريكيًّا، وفي سبتمر/أيلول ارتفعت رسوم الإقامة “الدراسية” في مصر للسوريين إلى أكثر من 200% من دون إعلان رسمي، إذ فوجئ السوريون الذين توجهوا إلى تجديد إقاماتهم بالزيادة، بعدما بلغت الرسوم 7 آلاف جنيه بدلًا من 2100.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تزايدت أعباء الدراسة الجامعية على الطلاب السوريين، إذ أصدرت إدارة شؤون ورعاية الوافدين في مصر[15] بيانا يقضي بفرض الرسوم الإدارية الخاصة بالخدمات المقدمة في الجامعات المصرية، ولأول مرة لم تستثن السوريين منها. وقد جاء فرض الرسوم الجديدة بعد بدء السنة الدراسية، ووفقًا للبيان، تتضمن الرسوم مجموعة من الخدمات المقدمة التي كان السوريون يدفعون مقابلها بالجنيه أسوة بالمصريين على عكس باقي الوافدين، كما تضاعفت الأسعار هذا العام وتوجب أيضا دفعها بالدولار الأميركي.

2- التغيرات الأخيرة:

في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وسيطرة مجموعات المعارضة المسلحة على الحكم في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 وتشكيل حكومة تسيير أعمال مؤقتة، شهدت السياسات المصرية تجاه دخول وإقامة السوريين تغييرات إضافية وسريعة.

فبحسب مصادر لمنصة اللاجئين صدر قرار داخلي يقضي بترحيل أي سوري يتم توقيفه لأي سبب من قبل الأجهزة الأمنية، بغض النظر عن وضعه القانوني، سواء كان لاجئًا أو مقيمًا، ووفقا للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فقد رحَّلت مصر[16] ثلاثة سوريين احتفلوا بسقوط نظام الأسد.

تؤكد “منصة اللاجئين في مصر” أن هذا النوع من الإجراءات يتعارض بشكل مباشر مع التشريع الداخلي المصري ومع مبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي يُلزم الدول بعدم إعادة اللاجئين إلى دول قد يتعرضون فيها للاضطهاد أو الخطر.

وفي 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، صدر قرار جديد يقضي بإلغاء الاستثناءات التي كانت تُمنح للسوريين الحاصلين على إقامات في: الولايات المتحدة، وشنغن، وبريطانيا، وكندا، فأصبح الحصول على تصريح أمني مسبق شرطًا إلزاميًّا لدخول جميع السوريين إلى مصر. تم تطبيق القرار بشكل فوري ودون إعلان مسبق، الأمر الذي أدى إلى منع دخول العديد من السوريين الذين لم يكونوا على علم بالإجراءات الجديدة، وعودتهم من المطارات المصرية.

ترى “منصة اللاجئين في مصر” أن فرض متطلبات أمنية إضافية على فئة معينة من اللاجئين يُعد تمييزًا، خاصة إذا لم تكن هناك مبررات أمنية واضحة، وإجراءات محددة معلن عنها بشكل رسمي لكل أصحاب المصلحة.

وفي يوم 29 من الشهر نفسه أصدرت سلطة الطيران المدني المصري، التابعة لوزارة الطيران المدني المصرية، تعميمًا موجَّهًا لمديري شركات ووكالات الطيران، اطَّلعت “منصة اللاجئين في مصر” على نسخة منه، يتضمن توجيها من رئيس سلطة الطيران المدني إلى “شركات الطيران وشركات الوكالات العاملة في مصر”، بخصوص “إصدار قرار بعدم السماح بقبول الركاب السوريين القادمين إلى مصر من مختلف دول العالم”، واستثنى التوجيه “حاملي الإقامة المؤقتة لغير السياحة بالبلاد”، مؤكدة في توجيهها على أنه “سيتم توقيع الغرامات الإدارية اللازمة في حالة مخالفة الشركات لتلك التعليمات”.

كما أصدر إعلام موانئ البحر الأحمر عبر صفحته على فيس بوك بيانًا[17] حول تعاون مصري أردني من أجل “تسهيل عودة السوريين لبلادهم عبر ميناء نويبع البحري”، مؤكدا أن “الفوج الأول من السوريين العائدين لبلادهم غادروا ميناء نويبع البحري على متن العبارة “آيلة”، ويضم 40 شخصًا، ونقلتهم شركة جيت الأردنية عبر حافلات من أماكن إقامتهم بالقاهرة إلى الميناء، ومنه إلى ميناء العقبة الأردني ومن ثم نُقلوا إلى معبر جابر بين الجانبين الأردني والسوري، والعودة إلى ديارهم”.

بينما تداولت وسائل الإعلام هذا الخبر لم يتسنَّ لنا التأكد من المعلومات الواردة فيه، أو التواصل مع الأشخاص العائدين للتأكد من وجود عمليات ترحيل قسري أو إبعاد من عدمه.

وبالتوازي مع ذلك، شهدت الفترة الأخيرة حملات أمنية استهدفت السوريين المقيمين في مصر. من أبرز الحالات التي تم توثيقها، اعتقال الناشط السوري ليث فارس الزغبي[18]، المقيم في مدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر. جاء اعتقاله بعد أيام من نشره فيديو يطالب فيه القنصل السوري في مصر بإنزال علم النظام السوري السابق واستبداله بعلم الثورة السورية، في خطوة تعكس التحولات السياسية بعد سقوط نظام بشار الأسد.

داهمت قوات الأمن شقة الزغبي وقامت باعتقاله، وهو ما أثار تساؤلات حول أسباب توقيفه التي تضمنت صفة إقامته كلاجئ، رغم أن هذا الوصف يُعد قانونيًّا بحتًا ولا يُعد تهمة جنائية. وامتدت الاعتقالات لتشمل آخرين، وسط تقارير عن ترحيل بعض السوريين واحتجاز آخرين، في خضم مشهد أمني متوتر عقب الاحتفالات بسقوط النظام السوري.

منذ بداية التطورات الجارية في سوريا، أصدرت السفارة السورية[19] في القاهرة بيانات مختلفة للأفراد المنتهية جوازات سفرهم، وللراغبين في العودة إلى البلاد، وأتاحت لهم إمكانية تمديد الجواز لمدة ستة أشهر مجانًا، لمرة واحدة، وتبدأ المدة من تاريخ التمديد، وذلك بهدف تسهيل إنجاز معاملات المواطنين داخل بلد الإقامة، ونوهت السفارة بأنه هذا الإجراء لا يتيح استخدام جواز السفر للسفر إلى الخارج نظرًا لعدم قبول شركات الطيران بهذا الإجراء.

كما نوهت السفارة في منشور آخر، بأنه “نظرًا لتعذر إصدار جوازات السفر لأسباب فنية في ظل الظروف الحالية، وردًّا على التساؤلات المتكررة من الإخوة المواطنين الراغبين بالعودة إلى سوريا ولا يملكون جوازات سفر سارية الصلاحية، تود السفارة التوضيح بإمكانية منحهم وثيقة مرور مجانية للعودة إلى سوريا، علمًا بأن الحصول على تذكرة المرور يتم في اليوم ذاته دون موعد مسبق[20]“.

3- الموافقة الأمنية:

الموافقة الأمنية هي إجراء إداري تفرضه السلطات المصرية كشرط أساسي للسماح بدخول بعض الجنسيات إلى البلاد، من بينها السوريين، أو لتنفيذ إجراءات محددة داخل مصر مثل الحصول على تصاريح إقامة أو السفر إلى مناطق معينة. يتطلب هذا الإجراء موافقة مسبقة من الجهات الأمنية المختصة (مثل الأمن الوطني أو المخابرات العامة)، بناءً على فحص دقيق لخلفية الشخص وتقييم حالته.

تشمل عملية تقديم الطلب، ملء استمارة تحتوي على البيانات التالية: الاسم الكامل (باللغة العربية والإنجليزية)، والجنسية، وتاريخ ومكان الولادة، ورقم جواز السفر، والمهنة، والمؤهل العلمي، وعنوان الإقامة الحالي، ورقم الهاتف، والبريد الإلكتروني، وتاريخ الوصول إلى مصر، والغرض من الزيارة، ومدة الإقامة المتوقعة، ومكان الإقامة داخل مصر. كما يجب عليه إرفاق المستندات التالية: نسخة من جواز السفر، وصور شخصية، وإثبات مكان الإقامة في مصر.

أنواع الموافقة الأمنية:

تنقسم الموافقة إلى أنواع متعددة وفقًا لآلية إصدارها والجهة المسؤولة عنها. في الأساس، يُقدِّم المواطن السوري طلبًا للحصول على تأشيرة مسبقة عبر سفارة جمهورية مصر العربية في دولة إقامته، ويرفق مع طلب التأشيرة طلبًا للحصول على الموافقة الأمنية اللازمة. يتضمن هذا الطلب جميع البيانات المطلوبة لمعالجة الموافقة. تُعالَج هذه الطلبات ويُخطَر مقدِّمها بقبول أو رفض التأشيرة بناءً على النتائج.

مع زيادة أعداد الطلبات المقدمة، أصبحت السفارات غير قادرة على معالجة الطلبات بسرعة كافية، ما أدى إلى تراكمها بشكل كبير. نتيجة لذلك، انخفضت أعداد التأشيرات الصادرة مقارنةً بعدد الطلبات، الأمر الذي فتح المجال أمام ظهور شركات تعمل على تسهيل الحصول على الموافقات الأمنية في مدد زمنية قصيرة. تقدم هذه الشركات خدماتها بأسعار متفاوتة، إذ بدأت من 300 دولار للتصريح، ووصلت إلى 1500 دولار لتصريح المخابرات العامة و3000 دولار لتصريح الأمن الوطني، حتى تاريخ 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، حينما تم إيقاف العمل بتصريح المخابرات العامة، وزادت تكلفة تصريح الأمن الوطني إلى 5000 دولار.

التربح من المأساة:

وفقًا لصفحة صحيح مصر[21]، فقد تحولت الموافقة الأمنية إلى بيزنس، وتغيرت التسعيرة مع تقلبات الأوضاع الإقليمية، إذ بلغت قيمتها 3300 دولار للسودانيين بعد الحرب، و2300 دولار للسوريين بعد سقوط بشار، بخلاف مئات الدولارات لليمنيين والجنسيات الأخرى. وتذهب هذه الأموال إلى شبكة من وسطاء أجانب ومصريين وشركات سياحة مصرية تستطيع من خلال علاقاتها احتكار استخراج التصاريح الأمنية من أجهزة سيادية.

يقدم الوسطاء للسوريين نوعين من الموافقات الأمنية؛ الأولى: “بطيئة” وتصدر خلال فترة تتراوح ما بين 15 يومًا إلى 30 يومًا مقابل 1150-1200 دولار، وتخرج من أحد الأجهزة الأمنية عبر إحدى الشركات السياحية.

الثانية: “سريعة”، وتصدر خلال فترة تتراوح ما بين 3 أيام إلى أسبوع من تاريخ التقديم، وذلك مقابل 2200-2300 دولار. وتُصدر عبر الجهاز الثاني من خلال شركتين أخرَييْن، وفقًا لما ذكره وسطاء سوريون.

وتتابع صفحة “صحيح مصر”، يتطلب الحصول على الموافقة الأمنية وجود جواز سفر سارٍ، وحجز الطيران ذهابًا وإيابًا لطالبي الموافقة البطيئة. ويشترط ألا يكون المسافر قد دخل إلى مصر بطريقة غير نظامية في وقت سابق، وأن يكون السفر من سوريا عبر شركة طيران السورية، ومن خارج سوريا عبر خطوط مصر للطيران. كذلك يُطلب من السودانيين الحجز عبر مصر للطيران، وذلك وفقًا للضوابط التي قال الوسطاء إنها مطلوبة للحصول على الموافقة الأمنية.

وقال وسيط سوري إن الوسطاء يحصلون على 50 أو 100 دولار على الأكثر من قيمة ما يدفعه كل مسافر، ويجني الوسيط المصري المبلغ تقريبا نفسه، أما الشركات المرتبطة بالأجهزة الأمنية فيذهب إليها معظم المبلغ.

ثانيًا، واقع مرير يحتاج إلى حلول عاجلة.. كيف أثرت هذه القرارات في حياة السوريين:

تسببت القرارات المذكورة في إرباك حياة اللاجئين السوريين المسجلين منهم وغير المسجلين لدى المفوضية، على النحو التالي:

1- على مستوى التغيرات المستمرة منذ 2013 وحتى مطلع 2024:

أدت القرارات الحكومية المصرية بفرض موافقة أمنية على تأشيرة دخول السوريين إلى مصر منذ عام 2013 إلى وضع قيود صارمة على حركة الهجرة للسوريين، ما أثر بشكل مباشر في حقهم في اللجوء والاستقرار في البلاد، ما اضطر الأشخاص إلى سلوك طرق غير نظامية للعبور والإقامة، تتسبب في انتهاكات جسيمة بحقهم ورفع الحماية القانونية عنهم/عنهن. ورغم وجود أعداد كبيرة من السوريين في مصر، إلا أن غياب نظام قانوني واضح يعترف بهم كلاجئين رسميين زاد من تعقيد أوضاعهم.

أسفر هذا الوضع عن حالة مستمرة من عدم الاستقرار، إذ تأثر السوريون بتغيرات القرارات السياسية المتكررة التي انعكست بشكل مباشر على حياتهم اليومية، ما جعل حياتهم غير مستقرة بشكل كامل خلال السنوات الماضية.

أحد أبرز التحديات التي واجهها السوريون تمثلت في تحمل تكاليف باهظة مرتبطة بتجديد الإقامات واستخراج الموافقات الأمنية، سواء للسفر أو للعودة إلى مصر، بالإضافة إلى تجديد تصاريح الإقامة. وزاد من هذا العبء استبعاد السوريين من الإعفاء الممنوح منذ عام 2013 من الرسوم الدراسية في مراحل التعليم الأساسي، ما اضطر العديد منهم إلى اللجوء للمدارس الخاصة التي لا تقارَن رسومها بالمدارس الحكومية المصرية، وهو ما مثل ضغطًا كبيرًا على الأسر ذات الدخل المحدود. هذه الرسوم الباهظة خلقت فجوة كبيرة بين اللاجئين ووصولهم إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم والصحة والعدالة.

وفي محاولة لتخفيف هذه الأعباء، اضطر بعض السوريين إلى التقدم بطلبات لجوء لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، هربًا من التكاليف المرتبطة بالإقامات والرسوم الدراسية. لكن لم يكن ذلك كافيًا لضمان حصولهم على حقوقهم الأساسية، خاصة مع زيادة عدد طلبات اللجوء والإقامة منذ اندلاع الحرب في السودان، ما أدى إلى تأخر معالجة هذه الطلبات لفترات طويلة تتراوح بين عام وعامين. هذا التأخير تسبب في حرمان آلاف السوريين، خصوصًا غير الحاصلين على تصاريح إقامة، من الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والعدالة. نتيجة لذلك، فقد العديد من الأطفال السوريين عامًا دراسيًّا بسبب عدم تمكنهم من الالتحاق بالمدارس، الأمر الذي عمق الأزمة الإنسانية والاجتماعية التي يعيشها اللاجئون السوريون في مصر.

علاوة على ذلك، تفاقمت مشكلات السوريين بسبب انعدام استقرار الوضع القانوني الخاص بهم، ما دفع العديد منهم إلى العيش في ظل ظروف غير نظامية تُعرضهم لانتهاكات جسيمة وتُضعف قدرتهم على تحقيق حياة كريمة. كما أن عدم وجود نظام لجوء عادل يحمي حقوق اللاجئين ويسمح لهم بالوصول إلى الخدمات المختلفة زاد من معاناتهم. فالكثير من السوريين حُرموا من حق الحماية من الاستغلال، إذ اشتكى العديد منهم على مدار السنوات الماضية من تعرضهم للاستغلال بسبب الوضع القانوني المضطرب الذي يعيشونه تحت وطأة القرارات المتغيرة.

بالتزامن مع ذلك، أدى غياب الحماية القانونية إلى حرمان اللاجئين من الوصول إلى نظام العدالة، ما سمح لمرتكبي الجرائم ضدهم بالإفلات من العقاب. كما ساهم هذا الوضع في تدعيم خطاب الكراهية والتحريض ونشر المعلومات المغلوطة حول اللاجئين وأسباب تواجدهم في مصر، ليزداد تعقد أوضاعهم الاجتماعية والنفسية.

من خلال المقابلات التي أجرتها “منصة اللاجئين في مصر” مع قيادات مجتمعية ولاجئين سوريين يقيمون في مصر بأشكال مختلفة وفي أطر قانونية مختلفة، ومن خلال الحالات التي قامت المنصة بتوثيقها، وبتحليل طلبات الاستشارات التي تلقتها خلال الفترة الماضية، تبين لنا ازدياد مخاوف مجتمعات اللاجئين السوريين/ات في مصر بشكل كبير من التغيرات القانونية وأيضا من تحولات الإدارة السياسية في مصر تجاه التواجد السوري، وقد أفصح أغلبهم عن عدم رغبتهم في العودة إلى سوريا، على الأقل حاليا، للعديد من الأسباب، من أهمها عدم التأكد من الوضع الأمني، وأيضا عدم وجود مصدر دخل واضح في حالة العودة، وحالة الخدمات الأساسية التي يحتاج إليها الأشخاص للحياة.

تأتي التخوفات بصورة متزايدة منذ مطلع 2024، خاصة أن مجتمعات اللاجئين السوريين في مصر، وبرغم كل التحديات، شاركت بشكل بارز في الوضع الاقتصادي الكلي المصري، ما كان له أثر إيجابي كبير في الاقتصاد المصري، وأيضا على اللاجئين السوريين في مصر، وهذا شكَّل نوعا من الاستقرار النسبي غير الكامل.

إن التغييرات في عملية الدخول والإقامة حاليا، وقبلها الحرمان من الخدمات من خلال قرارات إدارية مختلفة، يثير حالة وشعورًا بانعدام الاستقرار في مصر لهذه المجتمعات بكل طبقاتها، ما يعد نوعًا من أنواع “الدفع للخلف”، الذي يخالف الالتزامات الدولية المفروضة، والذي يعتمد على إثارة حالة “عدم الإحساس بالأمان” في البلد المضيف.

2- على مستوى التغيرات الحاصلة منذ مطلع 2024 وحتى الأيام الحالية:

مع بداية عام 2024، التي برزت فيها مشكلة عدم تجديد الإقامات السياحية للسوريين في مصر، وأصبحت الموافقة الأمنية المطلوبة لهذه الإقامات إما مرفوضة أو غير صادرة، اندفع العديد من السوريين للبحث عن حلول بديلة لضمان إقامتهم بشكل قانوني. من بين الخيارات المتاحة، لجأ البعض إلى تسجيل طلبات لجوء لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بينما اختار آخرون تأسيس شركات في مصر للحصول على إقامة استثمارية، باعتبارها خيارًا يتيح مدد إقامة أطول ويتجاوز تعقيدات الإقامة السياحية.

ورغم أن الموافقة الأمنية تُشترط لجميع أنواع الإقامات، إلا أن إجراءاتها تكون أسرع وأكثر سلاسة بالنسبة للإقامات الاستثمارية. ومع ذلك، فإن هذا الخيار ليس متاحًا للجميع، إذ يتطلب تأسيس شركة بأحد أشكال شركات الأموال المعترف بها قانونًا، أن يتجاوز رأس مال الشركة 35 ألف دولار أمريكي، ويُودع بالكامل بالدولار أو ما يعادله بالجنيه المصري في أحد البنوك.

هذا الشرط المالي يُعد عائقًا كبيرًا أمام معظم السوريين، إذ لا يتوفر هذا المبلغ إلا لفئة قليلة جدًّا. نتيجة لذلك، أصبح الخيار الأقل تكلفة والأسهل نظريًّا هو التسجيل لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، للحصول على سند قانوني يمكّنهم من الإقامة في مصر بشكل قانوني، على الرغم من أن هذا الخيار لا يضمن بالضرورة الوصول إلى جميع الحقوق والخدمات التي يحتاج إليها اللاجئون.

ذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تقريرها الإقليمي السادس عشر عن “الأزمة السورية”[22]، أنه “اعتبارًا من 25 فبراير/شباط 2025، كان هناك 142,300 لاجئًا سوريًّا مسجلًا في مصر، وهو ما يمثل 15% من إجمالي عدد اللاجئين المسجلين في مصر”. وكانت المفوضية قد لاحظت في تقريرها “ارتفاعًا في طلبات إغلاق الحالات من اللاجئين السوريين”، فعلى مدار الأشهر الماضية، تلقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 6120 طلبًا تؤثر في أكثر من 12516 فردًا منذ أوائل ديسمبر/كانون الأول 2024، وهي زيادة كبيرة عن متوسط ​​نوفمبر من 7 طلبات إلى 111 طلبًا يوميًّا”، وبالفعل انخفض عدد اللاجئين المسجلين بأكثر من 5 آلاف و800 شخص في الفترة 22 ديسمبر 2024 إلى 25 فبراير 2025 فقط.

ويتابع التقرير: “في الوقت نفسه، انخفض عدد طلبات اللجوء الجديدة المقدمة من السوريين إلى المفوضية في مصر إلى ثلث المستويات السابقة. ففي الفترة بين 8 ديسمبر 2024 و24 فبراير، تم تقديم 864 طلب تسجيل جديد، بمعدل 16 طلبًا يوميًا مقارنة بـ 45 طلبًا يوميًا قبل وصول النظام الجديد إلى السلطة في سوريا”.

وقد أكدت المفوضية في تقرير سابق[23] أنه “بالنسبة للاجئين في مصر، بغض النظر عن جنسيتهم، فإن طلبات الإغلاق تكون مطلوبة عند طلب تصريح الخروج للمغادرة. وبالتالي فإن قرار العودة (للسوريين) من مصر، التي لا تشترك في حدود برية مع سوريا، هو قرار ذو عواقب وخيمة بشكل خاص”.

وذكر التقرير مدى تأثير قرارات الإقامة على طلبات “إعادة التنشيط” المستقبَلة إذ إنه “ورغم أن اللاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والحاصلين على إقامات على أساس اللجوء لا يتأثرون بهذه القيود، إلا أن الإعلان أدى إلى زيادة طلبات إعادة التنشيط بمقدار ثمانية أضعاف أسبوعيًّا للسوريين حتى ديسمبر”.

وقبلها ذكرت المفوضية في تقريرها الإقليمي[24] الصادر في 19 ديسمبر، الذي يشمل التصورات والمخاوف التي عبرت عنها مجتمعات اللاجئين في الشرق الأوسط وخاصة في “الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر” بشأن الوضع المتطور في سوريا. وجاء في تعليقات هذه المجتمعات، أنه في أعقاب سقوط حكومة الأسد مباشرة “أعرب العديد من اللاجئين عن حماسهم وأملهم المتجدد في مستقبل في سوريا، مع بقائهم حذرين. في حين أبدى الكثيرون اهتمامهم بالعودة”.

تبنَّى معظم اللاجئين نهج “الانتظار والترقب”، مؤكدين الحاجة إلى الوضوح بشأن العديد من القضايا الحرجة. وبحسب التقرير تتركز مخاوفهم الأساسية على (استقرار الوضع السياسي، والظروف الأمنية في مناطقهم الأصلية، والوصول إلى الخدمات الأساسية، كما سلط اللاجئون الضوء على استمرار وجود الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة والمخاطر المرتبطة بها، والذخائر غير المنفجرة والنشاط الإجرامي أو طرحوا أسئلة حول ذلك، وأعرب اللاجئون عن قلقهم بشأن البنية التحتية المحدودة في سوريا، وما إذا كانت منازلهم قد دمرت، وما إذا كانت أسرهم قادرة على الوصول إلى الرعاية الصحية، أو ما إذا كان أطفالهم قادرين على الذهاب إلى المدرسة، وأشار آخرون إلى التحديات الاقتصادية في سوريا، بما في ذلك انهيار الليرة السورية ونقص فرص العمل؛ وما إذا كانوا قادرين على إعالة أسرهم عند العودة”.

يؤكد التقرير أن “في مصر، أعرب الكثيرون عن عدم رغبتهم في العودة، مع وجود أقلية صغيرة أبدت اهتمامها، ولكن في الغالب ليس في غضون الاثني عشر شهرًا القادمة”، وهو ما أكده باحثو منصة اللاجئين من خلال المقابلات التي عقدوها لغرض هذا التقرير.

ثالثًا، تعليقات قانونية من “منصة اللاجئين في مصر”:

تعد الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات المصرية، بما في ذلك تعليق تجديد الإقامات السياحية للسوريين، والاستثناءات الخاصة بالتصاريح الأمنية، إضافة إلى التعليمات الأمنية غير المعلنة بشأن الترحيل الفوري للسوريين بغض النظر عن وضعهم القانوني، تقييدًا واضحًا لحقوق اللاجئين. وقد تشكل انتهاكًا صريحًا لالتزامات مصر الدستورية والدولية التي تهدف إلى حماية اللاجئين وضمان احترام حقوق الإنسان.

1- على مستوى الدستور والقوانين المصرية:

ينص الدستور المصري في مادته 93 على التزام الدولة بتنفيذ المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تصدق عليها، ما يعني أن هذه الاتفاقيات تكتسب قوة قانونية داخل النظام الوطني. وقد وقعت مصر وصدقت على العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. وبناءً على ذلك، تقع على عاتق الدولة مسؤولية احترام وتعزيز حقوق اللاجئين والمهاجرين، وهو ما يتطلب ضمان عدم تعرضهم لأي معاملة تعسفية أو تمييزية، وهو ما يتماشى مع التزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان.

في هذا السياق، يأتي قانون لجوء الأجانب رقم 164 لسنة 2024، الذي أقره رئيس الجمهورية في 16 ديسمبر/كانون الأول 2024، ليتناول بشكل خاص مسألة العودة الطوعية للاجئين. ينص القانون في مادته 25 على أن هذه العودة يتم تنظيمها بالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والدولة التي يحمل اللاجئ جنسيتها، بهدف ضمان عودة آمنة وطيبة للاجئين دون تعرضهم لخطر جسيم. كما أن المادة 13 من القانون ذاته تحظر إعادة اللاجئ إلى بلده إذا كانت حياته أو حريته مهددة، ما يعكس التزامًا بحمايته من الإعادة القسرية، وهي إحدى المبادئ الأساسية في حقوق اللاجئين.

لكن بالرغم من تلك النصوص القانونية، يواجه القانون الجديد انتقادات كبيرة من قبل منظمات المجتمع المدني[25]، التي أبدت تحفظاتها على غياب آليات تنفيذ فعالة تضمن حماية اللاجئين بشكل حقيقي. هذه الانتقادات تشير إلى أن القانون يفتقر إلى ضمانات قانونية كافية تحول دون تعرض اللاجئين لانتهاكات حقوقية، خصوصًا في ظل سجل طويل من المخالفات[26] التي ارتكبتها بعض الأجهزة الأمنية ضدهم.

في ظل هذه المعطيات، تثير الإجراءات الأخيرة مثل تعليق الإقامات السياحية للاجئين السوريين وفرض شروط أمنية انتقائية، بالإضافة إلى الترحيل القسري لبعضهم، تخوفات قانونية بشأن مدى توافق هذه السياسات مع الدستور المصري. هذه الإجراءات قد تشكل انتهاكًا لحقوق اللاجئين المنصوص عليها في الدستور، وكذلك في الاتفاقيات الدولية التي التزمت مصر بتنفيذها، ما يستدعي ضرورة إعادة النظر في هذه السياسات والتأكد من توافقها مع المعايير القانونية المحلية والدولية.

2- على صعيد الاتفاقيات والالتزامات الدولية:

كما أوضحنا سلفًا فإن الدستور المصري يلزم النظام باحترام الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها، وإن هذه الاتفاقيات لها حجية القانون أو التشريع الداخلي، وقد جاءت هذه الإجراءات مخالفة أيضًا لاتفاقيات وقعت مصر عليها مثل: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966)، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (1965)، واتفاقية حقوق الطفل (1989)، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) (1979)، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (2000)، بالإضافة إلى بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، بالإضافة إلى اتفاقية الجريمة المنظمة (2000).

وتلزم اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين وبروتوكولها لعام 1967، الدول بحماية حقوق اللاجئين وضمان عدم إعادتهم قسرًا إلى أماكن قد يتعرضون فيها للاضطهاد أو الخطر.

أما اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1969 فإنها تُلزم الدول الأعضاء بتقديم الحماية والمساعدة للاجئين بشكل عادل دون تمييز، مع تأكيد منع إعادتهم قسرًا إلى أماكن قد تهدد سلامتهم.

وعليه فإن الإجراءات التي تقرها السلطات المصرية مؤخرا قد تشكل انتهاكًا مزدوجًا؛ سواء للتشريع الداخلي أو الالتزامات مصر الدولية.

3- مدى قانونية الموافقة الأمنية:

إن استثناء جنسية معينة من الدخول إلى مصر، وفرض إجراءات استثنائية، مثل اشتراط الحصول على موافقة أمنية مسبقة، بالإضافة إلى فرض رسوم على استمارات الموافقات الأمنية للسوريين، يثير تساؤلات قانونية وحقوقية خطيرة. هذه الإجراءات تتعارض مع مبدأ عدم التمييز المنصوص عليه في القوانين الدولية والمحلية، وتثير مخاوف بشأن الشفافية في تطبيق السياسات الحكومية، مع وجود شبهة تربح واستغلال للمهاجرين الذين يعانون من أوضاع إنسانية صعبة مثل الهروب من النزاع المسلح[27].

● الجانب التمييزي:

لا يجوز التمييز بين الجنسيات فيما يتعلق بشروط الدخول إلى مصر، أو فرض متطلبات استثنائية على مجموعة بعينها، دون توضيح الأسباب الموضوعية التي تبرر هذه الإجراءات. إن فرض اشتراطات أمنية استثنائية على السوريين يشكل انتهاكًا للمبادئ الدولية التي تضمن المساواة وعدم التمييز بين الأفراد على أساس الجنسية أو الأصل.

● فرض الرسوم والتربح غير القانوني:

إن فرض رسوم على هذه الاستمارات يضيف طبقة أخرى من الإشكاليات القانونية، إذ يتم إجبار مجموعة من الأشخاص، على دفع مبالغ مالية مقابل استيفاء شروط الدخول. هذه الرسوم تضع عبئًا ماليًّا غير مبرر على اللاجئين الذين غالبًا لا يملكون خيارات أخرى بسبب ظروفهم الإنسانية، وهذا قد يحرم البعض منهم من حقه في اللجوء أو التنقل، كما يخلق بيئة قد تُستغل فيها احتياجاتهم وظروفهم لصالح تحقيق مكاسب مالية غير مبررة.

علاوة على ذلك، فإن غياب الشفافية بشأن مصير هذه الرسوم وكيفية استخدامها يعزز القلق بشأن استغلال هذه السياسة كوسيلة للتربح، بدلًا من توجيهها نحو تعزيز الخدمات العامة أو تحسين أوضاع اللاجئين. هذه الإجراءات تحتاج إلى مراجعة شاملة لضمان توافقها مع الالتزامات القانونية لمصر واحترام حقوق الإنسان.

رابعًا، هل سوريا آمنة؟

في ظل التطورات الأخيرة في سوريا، وبعد سيطرة المعارضة المسلحة على البلاد وسقوط نظام بشار الأسد، تثار تساؤلات جدية حول مدى أمان العودة إلى سوريا قبل استقرار الأوضاع بشكل كامل، خاصةً لما يشكله ملف اللاجئين السوريين من تحديات إنسانية وأمنية معقدة. على الرغم من الإطاحة بالنظام السابق، فلا تزال الأوضاع على الأرض غير مستقرة.

وقد حذرت[28] المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من التسرع في إعادة اللاجئين السوريين، مؤكدةً ضرورة ضمان عودتهم بشكل طوعي وآمن وكريم، وفقًا للمعايير الدولية التي تحمي حقوق اللاجئين.

ومن جهة أخرى واجهت قرارات بعض الدول الأوروبية بتعليق استقبال طلبات اللجوء للسوريين بعد سقوط النظام انتقادات واسعة من منظمات حقوقية ودولية. إذ أكدت منظمة العفو الدولية[29] أن الأوضاع في سوريا لا تزال مضطربة، وأن إنهاء عقود من القمع والانتهاكات لن يتحقق بين ليلة وضحاها. كما حذرت المنظمة من استخدام قضية اللاجئين السوريين كورقة سياسية، مما يعرض سلامتهم للخطر لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة.

تأتي الذريعة الأساسية للدول الأوروبية التي أوقفت استقبال طلبات لجوء السوريين أو سمحت بترحيلهم، أن سوريا باتت “دولة آمنة” بعد سقوط النظام، غير أن خطورة الواقع السوري تعلمه هذه الدول جيدًا، لكن أوروبا تعاني من سيطرة اليمين المتطرف على قراراتها، وهو معروف بعدائه ضد المجتمعات المهاجرة من دول الجنوب العالمي، مثل هذه الدعوات تثير القلق بشأن مستقبل اللاجئين السوريين وتخلق مناخًا عدائيًّا تجاههم.

في هذا السياق، أبدت مصر حذرًا تجاه التطورات الجديدة في سوريا بعد تولي أحمد الشرع إدارة شؤون البلاد مؤقتًا في ديسمبر/كانون الأول 2024. أكدت مصر وقوفها إلى جانب وحدة وسيادة سوريا، ودعت إلى حوار شامل بين الأطراف السورية. ومع إعلان تولي الشرع رئاسة سوريا في يناير/كانون الثاني 2025، هنأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره السوري، معربًا عن أمله في تحقيق الاستقرار والتنمية لسوريا. كما اجتمع الطرفان على هامش القمة العربية في مارس/آذار 2025، وفي اللقاء أكد السيسي أهمية عملية سياسية شاملة وإعادة إدماج سوريا في المحيط العربي.

هذا التغير الإيجابي يتعين استمراره، وعلى السلطات المصرية أن تتبنى موقفًا حياديًّا تجاه النظام السوري الجديد، مع الحرص على عدم تصدير أزمات إليه أو استخدام اللاجئين السوريين كأداة للضغط السياسي. في الوقت نفسه، ينبغي تجنب الترويج لصورة مضللة تفيد بأن الأوضاع في سوريا أصبحت مستقرة، على حساب حقوق اللاجئين السوريين ومعاناتهم. بدلًا من ذلك، يجب أن تركز مصر على اتخاذ خطوات مدروسة وشفافة تضمن حماية اللاجئين السوريين وحقوقهم، مع الحفاظ على نهج إنساني يوازن بين مسؤولياتها الدولية والأوضاع الإقليمية. ويتطلب ذلك التريث وإجراء تقييم دقيق للأوضاع على الأرض، لضمان عدم تعريض العائدين لأي خطر قد يهدد حياتهم أو كرامتهم.

خامسا: الخلاصة (استنتاج)

تسببت التغيرات المصرية السريعة في سياسات الدخول إلى البلاد، والقيود المرافقة لها، منذ يوليو/تموز 2013، في إجبار السوريين على البحث عن طرق بديلة حتى وإن كانت طرقًا غير نظامية مميتة عبر الدخول من السودان في رحلة عبر الصحراء يتعرض فيها الأشخاص لأشكال مختلفة من الاستغلال والانتهاكات، فضلا عن توثيق وفاة عشرات الحالات في هذا الطريق.

من جهة أخرى، تسبب رفع الحماية القانونية عن السوريين/ات (سواء كانوا مسجلين/ات لدى مفوضة اللاجئين أم لا) في دفع العديد منهم إلى العيش في ظل ظروف غير نظامية تُعرضهم لانتهاكات جسيمة وتُضعف قدرتهم على تحقيق حياة كريمة، ومنع وصولهم إلى نظام العدالة أو الخدمات، وتعرضهم للاستغلال.

كذلك، تعد أحد أبرز التحديات التي واجهها السوريون تمثلت في تحمل تكاليف باهظة مرتبطة بتجديد الإقامات واستخراج الموافقات الأمنية، بالإضافة إلى تجديد تصاريح الإقامة، بالإضافة إلى رسوم التعليم بعد إلغاء إعفاء السوريين من المصروفات الدراسية.

ثم عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، صدرت قرارات أخرى وإجراءات أمنية، أثرت في لمِّ شمل العائلات، وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، ما أدى إلى تزايد طلبات إغلاق ملفات اللجوء، وبدء العودة إلى سوريا، رغم الأوضاع غير المستقرة فيها إلى الآن.

وبالنظر إلى الوضع القانوني والإجرائي للسوريين في مصر، فإن التشريعات والممارسات الأمنية المصرية، تشكل انتهاكًا صريحًا لالتزامات مصر الدستورية والدولية التي تهدف إلى حماية اللاجئين وضمان احترام حقوق الإنسان، خاصة اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين وبروتوكولها لعام 1967، واتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1969.

ما الإجراءات التي يجب أن تتخذها مصر لتكون عودة السوريين آمنة؟

عند التفكير في مسألة عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، يجب أن تضع الحكومة المصرية في اعتبارها الأسباب الرئيسية التي دفعت هؤلاء اللاجئين إلى مغادرة سوريا في المقام الأول، مثل الأوضاع الأمنية غير المستقرة، والقمع السياسي، والانتهاكات الحقوقية. لذلك، يجب ضمان عدم تعرض العائدين لأي شكل من أشكال التعديات، بما في ذلك الاعتقال أو التنكيل أو المعاملة غير الإنسانية. أو تهديد الأمان الاقتصادي والاجتماعي الذي تحقق في مجتمعات اللجوء، دون ترك فرصة لترتيب الأوضاع.

لتحقيق ذلك، ينبغي اتخاذ الإجراءات التالية:

  • التنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR):

يجب أن تعمل الحكومة المصرية بشكل وثيق مع المفوضية لضمان أن تكون العودة طوعية وآمنة، بما يتماشى مع المعايير الدولية التي تحظر الإعادة القسرية إلى مناطق قد يتعرض فيها اللاجئون للخطر. ويجب أن تشرف المفوضية على جميع مراحل العودة لضمان احترام حقوق العائدين.

  • تقييم الوضع الأمني في سوريا:

ينبغي إجراء تقييم دقيق وشامل للأوضاع الأمنية في سوريا خاصة المناطق التي هُجِّر منها السوريون ومن المتوقع عودتهم إليها، على أن يشمل التدقيق استقرار تلك المناطق، وخلوها من النزاعات المسلحة أو الاضطرابات. ويجب أن يتضمن هذا التقييم ضمان وجود نظام قضائي مستقل وآليات لحماية حقوق الإنسان، بما يمنع أي انتهاكات محتملة للعائدين، فضلا عن إعادة إعمار الدمار الذي طال القطاعات الرئيسية والمساكن وصعوبة الوصول للخدمات الرئيسية في العديد من المناطق.

  • ضمان الحقوق القانونية للعائدين:

يجب التأكد من حصول العائدين على الوثائق القانونية اللازمة، مثل بطاقات الهوية وشهادات الميلاد، لضمان تمتعهم بكافة حقوقهم المدنية، فضلا عن ضمانات العدالة للضحايا والناجين، والتأكد من وجود نظام عدالة شامل دون إقصاء أو تمييز، وهو الأمر الذي يتطلب دراسة كل حالة بشكل فردي لضمان هذه الحقوق، وتوفر الوثائق الثبوتية.

  • توفير حماية خاصة للاجئين الأكثر هشاشة:

يجب وضع حماية خاصة للأقليات التي يحتمل أن تتعرض لتمييز إضافي، أو تندرج تحت وصف الفئات الأكثر هشاشة، مثل النساء والأطفال غير المصحوبين وكبار السن.

  • التعاون مع المنظمات الدولية والمحلية:

يتطلب التنسيق مع المنظمات الإنسانية والمؤسسات الدولية دعم عمليات إعادة الإعمار في سوريا، بما يضمن تهيئة بيئة ملائمة للعائدين.

سادسًا: التوصيات

يجب على الحكومة المصرية:

  • الالتزام الكامل بمبدأ عدم الإعادة القسرية للاجئين وملتمسي اللجوء واللاجئين من حاملي الإقامات المختلفة إلى سوريا، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة.
  • إصدار قرارات رسمية وشفافة بشأن سياسات دخول وإقامة السوريين، ونشرها بشكل مستمر للكافة، مع إعطاء مهلة كافية لتطبيق هذه القرارات وذلك لتجنب التطبيق العشوائي والإجراءات غير المعلنة التي تسبب إرباكًا وانتهاكات لحقوق اللاجئين والمهاجرين.
  • توفير الحماية القانونية الكافية للسوريين المقيمين في مصر بما يشمل توفير وتسهيل الوصول والحصول على الخدمات المختلفة مثل “التعليم والصحة والتقاضي” وضمان عدم تعرضهم للانتهاكات والاستغلال.
  • إلغاء الإجراءات التمييزية التي تستهدف فئات معينة منها السوريين.
  • إعادة النظر في فرض اشتراطات على بعض الجنسيات مثل اشتراط الموافقة الأمنية، سواء للحصول على تأشيرة أو للحصول على إقامة في مصر، والتراجع عن فرض الرسوم الباهظة سواء عند استخراج تصريح الإقامة أو غرامات التأخير والإقامة.
  • وقف الممارسات البيروقراطية والمضايقات الأمنية التي تمارس على مؤسسات المجتمع المدني والسماح لها بتقديم الخدمات للمهاجرين واللاجئين ومن بينهم السوريين وإلغاء تجريم تقديم المساعدات للاجئين والمهاجرين غير النظاميين.

 

[1] منصة اللاجئين في مصر، تذكير وتحذير.. سوريا ليست آمنة

[2] المفوضية السامية لشؤون اللاجئين: الموقف بشأن العودة إلى الجمهورية العربية السورية

[3] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، سورية: لا بدّ من تحرك عاجل لتلبية الاحتياجات الإنسانية

[4] عربي بوست، بعضهم عاد إلى بلاده والقاهرة تحفز مستثمريهم.. كيف أصبحت أوضاع السوريين في مصر بعد سقوط الأسد؟

[5] يوتيوب، برنامج يحدث في مصر | خلدون الموقع يضحك من الانطباع اللي عند المصريين ان السوريينبتوع أكل بس

[6] المفوضية المصرية للحقوق والحريات، تقرير طريق الموتهجرة السوريين إلى مصر بين محاولة لم الشمل .. والسجن أو الموت

[7] منصة اللاجئين في مصر، كانوا في طريقهم إلى مصر.. وفاة 6 بينهم فتاة وإصابة 16 آخرين في حادث مروع بعد انقلاب سيارة هجرة غير رسمية تحمل لاجئين سوريين قرببورتسودان

[8] هاشتاج سوريا، في قرار جديد.. مصر تعدل الرسوم الجامعية للطلاب الوافدين دوناستثناءالسوريين

[9] تلفزيون سوريا، على غير العادة لم تستثن السوريين.. مصر تفرض رسومًا جديدة على الطلاب الأجانب

[10] تلفزيون سوريا، هل ألغت مصرالإقامة السياحيةللسوريين المقيمين على أراضيها؟

[11] تلفزيون سوريا، صدمة جديدة للسوريين.. مصر تلغي إعفاء الأطفال من رسوم الإقامة

[12] تلفزيون سوريا، كانوا معفيين سابقا.. غرامة جديدة على فئات من السوريين بمصر تثقل كاهلهم

[13] تلفزيون سوريا، صعوبة التسجيل بالمدارس.. إجراءات جديدة في مصر تثير مخاوف السوريين

[14] تلفزيون سوريا، خيبة أمل للسوريين.. مصر تصدر قرارًا جديدًا بشأن إقامة الأجانب على أراضيها

[15] تلفزيون سوريا، رسوم إدارية لأول مرة.. صدمة للطلاب السوريين في جامعات مصر

[16] المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، المبادرة المصرية تدين القبض على سوريين احتفلوا بسقوط الأسد.. وتعرب عن مخاوف من ترحيل بعضهم

[17] فيسبوك، صفحة إعلام موانئ البحر الأحمر

[18] فيسبوك، صفحة رصد الإخبارية، الداخلية تختطف الناشط السوري ليث الزغبي بعد مطالبته برفع علم بلاده على سفارتها بالقاهرة

[19] فيسبوك، صفحة سفارة الجمهورية العربية السورية في القاهرة

[20] فيسبوك، صفحة سفارة الجمهورية العربية السورية في القاهرة

[21] فيسبوك، صفحة صحيح مصر

[22] UNHCR, Regional Flash Update #16, Syria situation crisis

[23] UNHCR, Regional Flash Update #6, Syria situation crisis

[24] UNHCR, Regional Refugee Community Feedback, about Developments in Syria

[25] منصة اللاجئين في مصر، ٢٢ منظمة في بيان مشترك: نحذر من خطورة تمرير النص المطروح لقانون لجوء الأجانب

[26] منظمة العفو الدولية، مصر: يجب على الرئيس السيسي رفض قانون اللجوء الجديد الذي ينتهك حقوق اللاجئين

[27] The 2018 UNODC Global Report on Trafficking in Persons

[28] المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بيان المفوضية بشأن تعليق معالجة طلبات اللجوء وعودة اللاجئين

[29] منظمة العفو الدولية، أوروبا: لا يجب التضحية بسلامة السوريين في أوروبا من أجل المصالح السياسية

ـــــــــــــــــ

لقراءة وتحميل تقرير خطوات تمييزية وقرارات غير قانونية ( تقرير حالة ومذكرة قانونية).

خطوات تمييزية وقرارات غير قانونية تقرير حالة ومذكرة قانونية

Edition Scan this QR code to read on your mobile device QR Code for تقرير حالة ومذكرة قانونية من منصة اللاجئين حول قرارات الحكومة المصرية بخصوص دخول وإقامة السوريين
Facebook
Twitter
LinkedIn