في يوليو/تموز 2024 تقدمت “منصة اللاجئين في مصر” بتقريرها المشترك مع منصة الهجرة وحقوق الإنسان خلال الاستعراض الدوري الشامل الرابع لمصر أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تضمن التقرير العديد من تقارير الحالة والتوصيات التي كان من بينها الدعوة لـ”تعزيز الأطر المؤسسية” لحماية اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في مصر، بشكل يعكس التزاماتها الدولية تجاه الفئات الأكثر ضعفا وتعرضا للخطر.
في ضوء حملتها للتوعية خلال فترة الاستعراض الدوري الشامل لملف حقوق الإنسان في مصر، تنشر منصة اللاجئين هذه الورقة، التي تستعرض من خلالها: (التوصية المقدمة في هذا الصدد، وتحلل سبب التوصية بها، ثم تنتقل لتوضيح التطورات التشريعية والإجرائية ما بين وقت تقديم التقرير وجلسة العرض الدوري المقررة هذا الشهر)، كان من بين التوصيات التي قدمتها منصة اللاجئين هي تعزيز الأطر المؤسسية لضمان الامتثال للالتزامات الدولية وتوفير معايير الحماية الأساسية للاجئين/ات و ملتمسي/ات اللجوء.
أتت التوصية في التقرير كالآتي:
- تبسيط عملية التسجيل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لتقليل فترات الانتظار: ضمان توفير الخدمات الأساسية بشكل فوري. وضع إجراءات واضحة للحصول على تصاريح الإقامة والوثائق الضرورية الأخرى دون تأخير لا مبرر له.
- ضمان حصول اللاجئين على الخدمات التعليمية والصحية دون تمييز: إنشاء برامج مساعدة قانونية لدعم اللاجئين في الوصول إلى نظام العدالة.
تستضيف مصر أكثر من 1.4 مليون طالب لجوء ولاجئ مسجل من 59 جنسية، وحصل 24٪ فقط من هذه المجموعة على وضع لاجئ ولا يزال 76٪ منهم تحت وضع طلب اللجوء وفقًا لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر. غالبيتهم من السودان (1,142,331)، تليهم سوريا (137,962) وجنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا واليمن والصومال وجنسيات أخرى (149,035). هذه الأرقام تخص اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين فقط، في حين لا يوجد سجل واضح للأشخاص الذين دخلوا مصر.
يدعي المسؤولون المصريون أنهم يستضيفون أكثر من 9 ملايين لاجئ، وتُظهر الأرقام المتضاربة عدم الدقة ونقص التوثيق للأشخاص الذين يتنقلون، نتيجة لمتطلبات التأشيرة المشدَّدة دون اعتبار لظروف اضطرار الناس للفرار من الحرب، واتجاههم للخروج من بلدانهم من خلال طرق الهجرة غير النظامية التي وضعتهم في خطر أعلى فأصبحوا إما لا يحملون أوراقًا ثبوتية أو أوراقًا غير كاملة.
بالتزامن مع عدم السماح للاجئين وطالبي اللجوء بالوصول إلى نظام العدالة، وخاصة ضحايا العنف والتعذيب والناجين من العنف الجنسي. وثقت منصة اللاجئين في مصر العديد من التحديات التي تواجه اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين، خاصة النساء في تقديم الشكاوى المتعلقة بالاعتداءات عليهن، أما في الحالات التي يُسمح فيها بتقديم الشكاوى، لا تقوم سلطات التحقيق بإجراء تحقيقات في هذه الحالات إلا للحالات التي يتم نشرها للرأي العام فقط.
عملت منصة اللاجئين على محاولات تقديم الدعم للضحايا والناجين من اللاجئين في جميع الحالات، بينما في بعض الحالات قامت السلطات باحتجاز الضحايا لعدم وجود أوراق هويتهم.
التسجيل والإجراءات الأولية
- صعوبات في التسجيل: يواجه طالبو اللجوء تحديات كبيرة في التسجيل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بسبب عدم إمكانية الوصول إلى طوابير المعلومات وفترات الانتظار الطويلة لإجراء المقابلات الأولية. ويواجه العديد منهم المضايقات والترهيب الأمني عند زيارة مكاتب المفوضية دون مواعيد. إذ يتطلب الحصول على موعد للتسجيل ثم الحصول على رقم مرجعي فترة تزيد عن السنة كما أن هناك أشخاصًا تم تحديد مواعيد مقابلة لهم في يناير 2027.
وهذه مدة طويلة جدًّا، خاصةً في حالة مقدمي طلبات اللجوء الذين قد لا يكونون حاملين/ات لأي وثائق ثبوتية خلال هذه الفترة، ومَن انتهت تصاريح إقامتهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الموعد غير نهائي لانتهاء عملية التسجيل لأول مرة، وغالبًا ما يحتاج الأشخاص إلى مواعيد إضافية قبل إكمال عملية التسجيل واستلام البطاقات، وبموجبها يمكن إصدار الرقم المرجعي.
- فترات الانتظار الممتدة: يواجه طالبو اللجوء المسجلين تأخيرات إضافية في الحصول على تصاريح الإقامة، ما يطيل أمد حرمانهم من الخدمات وتعرضهم للمخاطر.
- الحرمان من الخدمات: في أثناء عملية التسجيل، يُحرم طالبو اللجوء من الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية. تكشف الحالات الموثقة عن عمليات احتجاز قسري وترحيل قسري للأفراد الذين لديهم مواعيد معلقة لدى المفوضية، ما يشير إلى عدم اعتراف السلطات المصرية بعملية التسجيل.
لا تنتهي التحديات عند عملية التسجيل لدى المفوضية وإصدار البطاقات (الصفراء أو الزرقاء)، بل تمتد -بحسب الشهادات- إلى التقديم على موعد من أجل الحصول على الرقم المرجعي وصولًا إلى انتهاء هذا الإجراء من خلال منظمة (كاريتاس حتى ديسمبر الماضي الذي أوقفت فيه خدماتها)، الذي يلزم الشخص بعده بالتقديم على تصريح الإقامة لدى إدارة الجوازات والهجرة التابعة لوزارة الداخلية ثم انتظار موعد الاستلام، قد تصل المدة من أجل إنهاء هذه الإجراءات من 5-6 أشهر إضافية.
يضطر الأشخاص للانتظار أكثر من عام كامل حتى يتمكنوا من الحصول على تصاريح إقامة سارية، وتكون مدة صلاحيتها ستة أشهر بحد أقصى، ثم يلزم الشخص أن يبدأ تجهيز التجديد لتصريح الإقامة على الأقل قبل شهرين من تاريخ الانتهاء حتى لا يصل إلى مرحلة الانتهاء دون بدء الإجراءات مما يعرضه للمخاطر.
مخاطر بسبب إشكاليات خدمات التسجيل
يسبب هذا النمط من التأخير خطورة عالية للغاية بالنسبة لـ(طالبي/ات تسجيل طلب اللجوء لأول مرة، واللاجئين/ات وملتسمي/ات اللجوء الذين انتهت وثائقهم الثبوتية، والأطفال والفتيات غير المصحوبين بذويهم/هن، والمواليد الجدد، وضحايا العنف والانتهاكات ممن لا يحملون وثائق ثبوتية أو انتهت صلاحيتها)، الأمر الذي يعرض الأشخاص لمخالفة القانون قسرًا لعدم وجود سبل أخرى، الأمر الذي يعرضهم للاحتجاز، ويرفع احتمالية التعرض للانتهاكات الجسيمة دون حماية قانونية أو إمكانية الحصول على تمثيل قانوني.
وتشمل المخاطر أيضا التسبب في الحرمان من جميع الخدمات المقدمة من الحكومة المصرية أو المنظمات الدولية والمحلية بما يشمل الخدمات (الطبية والتعليمية والاجتماعية وخدمات الطوارئ والوصول إلى نظام العدالة المحلي، والوصول للاتصالات والانترنت)، وذلك أن جميع الخدمات التي يتم تقديمها من جميع مقدمي الخدمات يلزمها وجود وثائق ثبوتية مسجلة وتصريح إقامة سارٍ.
كما يُحرم الشخص أيضا من جميع الخدمات المقدمة من منظمات المجتمع المدني المسجلة في مصر، إذ يلزم مقدمي الخدمات للاجئين/ات وملتمسي/ات اللجوء الحصول على نسخة من الوثائق الثبوتية الخاصة بهم وتسجيلها لديهم من أجل الإجراءات الخاصة بين مقدمي الخدمات ووزارة التضامن الإجتماعي.
في الوقت نفسه فإن إشكالية عدم وجود تصريح إقامة لدى الشخص أو دخوله بصورة غير نظامية والتحديات التي تواجه الشخص في عملية التقنين، يعرِّض من يقوم بتقديم مساعدة للشخص غير الحامل لأوراق ثبوتية للتجريم من قبل القانون المصري، إذ تنص المادة 8 من قانون 82 لسنة 2016 على أنه (يعاقب بالسجن كل من أدار مكانًا لإيواء المهاجرين المهرَّبين أو جمعهم أو نقلهم أو سهَّل أو قدم أي خدمات مع ثبوت علمه بذلك).
تحليل تفصيلي لوصول اللاجئين إلى التعليم في مصر
يكافح الأطفال اللاجئون في مصر للوصول إلى التعليم بسبب العقبات البيروقراطية والممارسات التمييزية. فعلى سبيل المثال، يعجز العديد من الأطفال اللاجئين في القاهرة عن الالتحاق بالمدارس الحكومية لأنهم يفتقرون إلى الوثائق اللازمة، مثل تصاريح الإقامة أو شهادات الميلاد أو الشهادات الدراسية التي يعد عدم توفرها طبيعيًّا خلال النزوح والفرار من الحرب. وذلك حسب المادتين (2 و6) من القرار الوزاري رقم 284 لسنة 2014.
كما يُطالبون بتقديم إثبات الإقامة الصالحة للتسجيل في المدارس العامة، وهو أمر لا يمكن تحقيقه للكثيرين بسبب التأخير المطول في إجراءات الإقامة. واعتبارًا من أكتوبر/تشرين الأول 2024، كان 2.17% فقط من اللاجئين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة في سن الدراسة ويحملون إقامة صالحة، مسجلين في المدارس العامة. كما تواجه مراكز التعليم المجتمعي، التي غالبًا ما تكون البديل الوحيد، مداهمات وإغلاقات متكررة من قبل السلطات، فتم إغلاق أكثر من 75 مدرسة مجتمعية حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2024 ما يحد من فرص التعليم للأطفال اللاجئين.
تحليل مفصل لوصول اللاجئين إلى الرعاية الصحية في مصر
يواجه اللاجئون في مصر عوائق كبيرة في الحصول على خدمات الرعاية الصحية. في حالة موثقة تعود إلى أوائل عام 2023، حُرم العديد من اللاجئين الغزيين الجرحى، الذين عبروا إلى مصر لتلقي العلاج الطبي، من الرعاية الصحية الملائمة وواجهوا الاستغلال من قبل السلطات. أُجبر هؤلاء الأفراد على التعامل مع نظام رعاية صحية منهار وتنسيق أمني بطيء، ما أدى إلى عواقب صحية وخيمة. توضح هذه الحالة حاجة مصر الملحة إلى تحسين فرص حصول اللاجئين على الرعاية الصحية ودعمهم.
وثقت منصة اللاجئين الحرمان الواسع النطاق للاجئين وطالبي اللجوء من جنسيات مختلفة من الخدمات الأساسية مثل التعليم الأساسي للأطفال والرعاية الصحية للنساء والأطفال ورعاية جرحى الحرب ومرضى السرطان والمصابين بالأمراض المزمنة والفيروس العلوي. كما يجرم القانون المصري تقديم المساعدة والدعم للأشخاص الذين لا يحملون تصاريح إقامة، التي يصعب الحصول عليها الآن.