تذكير وتحذير … سوريا ليست آمنة

الصورة: وزير الخارجية المصري سامح شكري يلتقي بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق سوريا، 27 فبراير 2023 (AFP)
الصورة: وزير الخارجية المصري سامح شكري يلتقي بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق سوريا، 27 فبراير 2023 (AFP)

فى 27 فبراير 2023 أعلنت الرئاسة السورية عبر قناتها على تطبيق تيليجرام عن زيارة وزير الخارجية المصرى سامح شكرى لبشار الأسد نقل فيها رسالة من عبد الفتاح السيسي أكد فيها تضامن مصر مع سوريا واستعدادها مواصلة الدعم واعتزاز مصر بالعلاقات بين البلدين  وحرص القاهرة على تعزيز هذه العلاقات وتطوير التعاون المشترك بين البلدين.

فيما أكد له أن مصر ستكون دائماً مع كلّ ما يمكن أن يساعد سورية، و ستسير قُدماً في كلّ ما من شأنه خدمة مصالح الشعب السوري الشقيق.

 وقال أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الخارجية المصرية عبر حسابه على تويتر، إن “الرئيس السوري بشار الأسد أعرب عن شكره لمصر وشعبها على استضافة اللاجئين السوريين”وكان وزير الخارجية الأسبق السفير محمد كامل عمرو قال فى تصريح فى 2016 أن السوريون فى مصر ضيوف وليسوا لاجئين.

الزيارة هى  الاولى من نوعها على هذا المستوى منذ 2011 وأتت بعد الزلزال المدمر الذى ضرب كلا من سوريا و تركيا، ولكن على الرغم من  الطابع الإنساني لتلك الزيارة لكنّ التسريبات تقول أن أمراً آخر يحدث فى الخلفية حيث تبدو جهود التطبيع مع النظام السوري اليوم أكثر جديّةً من المرات السابقة، مما يثير تخوف علي وضع السوريين فى مصر وإمكانية ترحيلهم بشكل قسري أو غير طوعى كما حدث سابقا فى لبنان والأردن وتركيا ومصر أيضا سواء بالإبعاد الغير قانوني أو الترحيل.

وكانت ” منصة اللاجئين في مصر” قد رصدت عمليات استهداف و تضيق على السوررين فى مصر كما رصدت عمليات ابعاد غير قانونى بدون اجرائات وترحيل قسرى ورفض دخول بعض السوريين الى الاراضى المصرية لزيارة عائلتهم ، وفى بيان الحقائق الصادر عن مفوضية اللاجئين فى ٢٠٢٢ رصدت اعادة قسرية لخمسة سوريين (ثلاثة مسجلين واثنان غير مسجلين)، وكان وزير الداخلية المصري قد أصدر فى فبراير ٢٠٢١ قرار بترحيل خالد رياض الخطيب (سورى الجنسية)تحت دعوى “الصالح العام” دون إيضاح تفاصيل كما صدر قرار أخر فى سبتمبر 2022 بترحيل يامن ابراهيم البيطار تحت نفس الدعوى بدون اجراءات قانونية تتيح الطعن على القرار، وسبق وطالبت منظمة العفو الدولية مصر في أكتوبر ٢٠١٣ بوقف ترحيل ٣٦ لاجئاً سورياً قسراً إلى دمشق، وفي ابريل 2014 طالبت بوقف ترحيل لاجئيَن سوريين اثنين، وثالث هو طالب لجوء، وطالبت المنظمة بوقف ترحيل 56 لاجئاً قسراً في  نوفمبر 2014 وحسب  منظمة “هيومان رايتس ووتش”، فأن مصر رحلت لاجئين سوريين قسراً إلى دمشق في ١٢ يناير ٢٠١٣، وكادت أن ترحل ١٣ آخرين قبل أن تتدخل منظمات ودوائر هجرة دولية لوقف القرار، وكشفت أنه في 25 يوليو من العام نفسه أن مصر هددت ١٤ لاجئاً وطالب لجوء بترحيلهم كما رحلت القاهرة عضو المجلس الوطني السوري -معارض لنظام الأسد ومقره إسطنبول- معتز شقلب إلى تركيا، مطلع أغسطس ٢٠١٣، على رغم أن شقلب يعيش في القاهرة منذ ٢٥ عامًا، وحاصل على إقامة مستثمر مدتها خمس سنوات، وأسس شركة تنظيم مؤتمرات يعمل بها أكثر من ١٠٠ مصري كما وثق تحقيق أجرته درج ترحيل النظام المصري لستة لاجئين سورين قسرا الى بلادهم فى ٢٠١٩ كما وثقت ترحيل ٦ اخرين الى بلاد مجاورة. 

أعداد السوريين وأنواع إقامتهم فى مصر:

تقدر منظمة الهجرة الدولية عدد السوريين فى مصر ب 1.5مليون حسب مسح إحصائي أجرته فى يونيو 2022 ما بين مهاجر ولاجئ و تختلف أنواع إقامتهم كالتالى: 

1- الإقامات الاستثمارية: وتمنح وفقا القانون المصرى لمن يملك أو يساهم فى شركة بحصة لا تقل عن 35 ألف دولار.

2- إقامات عقارية: حيث تمنح لمن يشتري عقاراً بقيمة 100 ألف دولار أمريكي تعطية إقامة لمدة سنة، ولمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمن يمتلك عقاراً أو أكثر بقيمة لا تقل عن 200 ألف دولار أمريكي وفي حال كانت قيمة العقار 400 ألف دولار أمريكي تكون الإقامة خمس سنوات،وتمنح الاقامة لمالك العقار وأقاربه من الدرجة الاولى.

3- إقامات دراسية:  تمنح للطلاب الدارسين في المدارس والجامعات المصرية ومدتها سنة دراسية كما تمنح لقارب الطالب من الدرجة الأولى.

4- اقامة زواج: وتمنح لزوجة المواطن المصري أو زوج المواطنة المصرية كذلك يمكن أن تشمل أقارب الدرجة الأولى. 

5- اقامة عمل: وتمنح لقسمين، الأول لمن يرخص منشأة فردية ويحصل على ترخيص عمل من وزارة القوى العاملة والآخر إقامة العمل للعاملين في الشركات والمصانع المرخصة في مصر. 

 6-اقامة السياحة : وتمنح لمدة 6 أشهر بغرض السياحة أو العلاج.

7-النوع الأخير من الإقامات داخل مصر – وهو نوع غير عادي – هو إقامة اللجوء أو التماس اللجوء التى تمنح بناء على طلب الشخص التماس اللجوء لدى مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بمصر كما تنص مذكرة التفاهم الموقعة بين الحكومة المصرية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين،بعد انتظار الموعد الذي قد يطول لشهور يقوم طالب اللجوء بعمل مقابلة مع مكتب مفوضية اللاجئين بالقاهرة، يتبع ذلك فترة انتظار من أجل الحصول على بطاقة تسجيل ( لجوء أو التماس لجوء ) بعد ذلك يقوم الشخص بطلب التسجيل لدى وزارة الخارجية المصرية والحصول على رقم مرجعي يمكنه من خلاله طلب إقامة تتراوح مدتها بين ثلاثة إلى ستة أشهر من خلال قطاع  الجوازات والهجرة والجنسية التابع لوزارة الداخلية، ويتطلب لإصدارها مدة تتراوح بين خمسة عشر يوما وربما يطول أمد الانتظار لأكثر من شهر بحسب وصول موافقة الأجهزة الأمنية من عدمه، ثم يقوم بتكرار نفس الإجراءات كل مرة ينتهي تصريح الإقامة من خلال مفوضية اللاجئين ويبلغ عدد المسجلين لديها ١٤٦٠٤٩ سورى .

يلجأ المهاجرون  و ملتمسو اللجوء عادة إلى تفضيل الحصول على إقامة عادية للأسباب المذكورة – إذا استطاع إلى ذلك سبيلا – والابتعاد عن طلب اللجوء وطلب الحصول على “إقامة ملتمس لجوء أو لاجيء” لما يتبع النوع الأخير من إجراءات مرهقة طويلة والحاجة إلى تجديد الإقامة في فترات قصيرة، كما أنها تحرم حاملها من العمل الرسمي، إلى جانب ذلك فإنها تعيق حرية الحركة داخل وخارج البلاد، كما أنها لا تعفي من التزامات في مصاريف معظم الإجراءات حيث يعامل حاملي هذا النوع من الإقامات معاملة الأجانب العاديين في مصر. 

تستمر معاناة اللاجئين\ات السوريين\ات المقيمين في مصر منذ الوصول – النظامي أو غير النظامي – بما يشمل الابعاد والاحتجاز التعسفي والترحيل القسري والمحاكمات العسكرية فضلا عن حملات العنصرية وخطاب الكراهية الممنهجين دون حماية حقيقية من القانون المصري، ومن الجدير بالذكر أنه وبرغم توقيع مصر على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق اللاجئين وبروتوكولها المكمل إلا أنه وحتى الآن لا يوجد قانون منظم لأوضاع اللاجئين و ملتمسي اللجوء في مصر. 

تذكير … سوريا ليست آمنة:

 وفقًا لمؤشر السلام العالمي، تحتل سوريا المرتبة 161 من 163 دولة على مستوى العالم وويعمل هذا المؤشر من خلال عدة معاير حيث يقيس حالة الأمن والسلام في ثلاثة مجالات: مستوى السلامة والأمن المجتمعيين، ومستوى النزاعات المستمرَّة، ودرجة العسكرة . وحسب برنامج الغذاء العالمى يحتاج حوالي 11 مليون شخص إلى المساعدة للبقاء على قيد الحياة ويضاف على ذلك تأثيرات الزلزال الأخير، كما يقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن 8 من كل 10 أشخاص في سوريا يعيشون تحت خط الفقر و أن البنى التحتية الأساسية للكهرباء والمياه في أسوأ حالاتها وتوشك على الانعدام، وهذا يفرض تراجعا كبيرا في الظروف المعيشية للسكان. 

أما الاتحاد الأوروبي فيؤكد أن العائدين إلى سوريا يواجهون الاعتقالات والاختفاء والتعذيب من قبل قوات الأمن السورية، وفي أفضل الحالات، يساق الشباب إلى الخدمة العسكرية الإلزامية في مناطق النزاع والاشتباك.

وفقا لتقرير هيومان رايتس عن سوريا الذي حمل عنوان “حياة أشبه بالموت”، “واجه اللاجئون السوريون الذين عادوا من لبنان والأردن بشكل طوعي بين 2017 و2021 انتهاكات حقوقية جسيمة واضطهاد من الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها، مثل التعذيب، والقتل خارج نطاق القانون، والاختفاء القسري”

وخلص تقرير “’حياة أشبه الموت‘: عودة اللاجئين السوريين من لبنان والأردن” إلى أن سوريا ليست آمنة للعودة. وأنه من بين العائدين الذين رصدهم تعرضوا للاعتقال وتعذيب حالات اختطاف حالات قتل خارج نطاق القضاء وحالات إخفاء قسري، وعنف جنسي.

ويتوافق تقرير هيومان رايتس  مع النتائج التي توصلت إليها منظمات حقوقية أخرى وصحفيون و”لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا“. حيث وثقت جميعها اعتقالات تعسفية واحتجاز وتعذيب وسوء معاملة و حالات اختفاء قسري و إعدام بإجراءات موجزة.

وأكدت”المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”، أن سوريا غير آمنة وأنها لن تسهل عمليات العودة الجماعية في غياب شروط الحماية الأساسية، رغم أنها ستسهل العودة الطوعية الفردية. قالت هيومن رايتس ووتش إن على جميع الدول حماية السوريين من العودة لمواجهة العنف والتعذيب ووقف أي عمليات إعادة قسرية إلى سوريا.

في يونيو2022  أعلنت “مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان” عن مقتل أكثر من 306 آلاف مدني في سوريا بين 1 مارس/آذار 2011 و31 مارس/آذار 2021. حتى أغسطس/آب، أعلنت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أن حوالي 111 ألف شخص ما زالوا مخفيين، معظمهم على يد الحكومة السورية.

تخوف وتحذير من منصة اللاجئين في مصر: 

بعد التذكير السابق حول خطورة الوضع في سوريا بالنسبة للعائدين قسرا أو طوعا أو من خلال اتفاقيات مشتركة تخالف الاتفاقيات والالتزامات الدولية، فإن “منصة اللاجئين في مصر”: وفي ظل تصاعد وتيرة الاعتقالات التعسفية والملاحقات للاجئين و ملتمسي اللجوء والمهاجرين في مصر وترحيلهم قسرا إلى بلاد يتعرضون فيها للتعذيب والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري أو القتل، أو إبعادهم إلى بلاد أخرى بدون الحصول على فرصة الطعن على قرار الإبعاد، وفي ظل التصريحات التي تنفي المسؤولية تجاه اللاجئين و ملتمسي اللجوء والمهاجرين بمختلف أنواع إقامتهم والممارسات المنتهكة لحقوق الإنسان والدستور المصري من قبل السلطات المصرية في ظل تصاعد وتيرة العنف المجتمعي تجاه الأشخاص المتنقلين وحملات العنصرية الممنهجة.

نتخوف من التقارب المزعوم بين مصر وسوريا على مستوى الانظمة الحاكمة وما يمكن أن يترتب على هذا التقارب من تضييق على السوريين المقيمين فى مصر وملاحقتهم وترحيلهم قسرا الى سوريا مع الأخذ فى الاعتبار  اختلاف انواع إقامتهم والسبل المتصور استعمالها لدفعهم للعودة أما بشكل قسري او ترحيل غير طوعي او تضييق يؤدي الى الخروج من مصر بشكل نهائي ويعزز هذا التخوف إصرار الحكومة المصرية على وصفهم بالضيوف مما يخلق تصور عن تواجد مؤقت لا يمكن استدلال على معيار انتهائه مع تجاهل تام فى الوصف لحقوقهم الأصيلة باختلاف أنواع إقامتهم و التى يحددها الدستور والقانون المصرى والمواثيق الدولية (اتفاقية 1952 و البروتوكول المكمل والمواثيق اللاحقة له، والمواثيق الاقليمية التي وقعت وصدقت عليها مصر) كذلك الشواهد السابقة من خلال رصد المؤسسات الحقوقية الدولية بإجبار السوريين على العودة غير الطوعية من خلال التهديد وإجبارهم على التوقيع على وثائق تفيد رغبتهم في العودة إلى سوريا. 

نحث السلطات المصرية على ضمان الالتزام بحقوق اللاجئين وملتمسي اللجوء والأجانب المقيمين على أراضيها بأشكال مختلفة بما يضمن الحماية من التضييق والملاحقة وتوفير الحماية اللازمة إذا تطلب الأمر ومواجهة خطاب العنصرية والكراهية، والتوقف عن أي خطط لترحيل الأشخاص إلى بلاد يخشى عليهم فيها من القتل والاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري.

Edition Scan this QR code to read on your mobile device QR Code for تذكير وتحذير … سوريا ليست آمنة
Facebook
Twitter
LinkedIn