Search
Close this search box.

وداعا ( ندوش المبتسمة ) – عزاء واجب … “منصة اللاجئين” تنعي الزميلة ندى جمال ظلام

ندى جمال ظلام أثناء افتتاح مركز تعليمي للأطفال السوريين، مدينة ٦ أكتوبر، ٢٠١٥
ندى جمال ظلام أثناء افتتاح مركز تعليمي للأطفال السوريين، مدينة ٦ أكتوبر، ٢٠١٥

فريق عمل منصة اللاجئين في مصر

منصة رقمية مستقلة تهدف لخدمة اللاجئين واللاجئات.

٢٩ عاما من المحبة ومناصرة الحقوق والنضال ونشر البسمة

“نحن لم نولد لنهز الدنيا، لم نخلق لنخوض معارك، نحن ولدنا للإلهام..للأحلام.. للصلوات” – أمل دنقل.

بعميق الحزن والأسى واحساس الفقد والخسارة ، تنعى “منصة اللاجئين في مصر” الزميلة الاستاذة “ندى جمال ظلام” والتي وافتها المنية بتاريخ ٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٣ الموافق ١٧ رمضان ١٤٤٤ بعد صراع ونضال مع مرض السرطان الذي واجهته بكل قوة وشجاعة وصبر وابتسام حتى اللحظة الأخيرة، ووري جثمانها بمقابر المسلمين بمدينة يوتوبوري بالسويد. 

ندى جمال ظلام في المشفي بالسويد
ندى جمال ظلام في المشفي بالسويد

كانت الزميلة ملهمة دائما بأفكارها وابداعها وشجاعتها وحماسها لخدمة المجتمعات وايمانها العميق بحق البشر أن يعيشوا فيه ويحلموا بحياة أفضل أيا كان جنسهم أو نوعهم أو المكان الذي قدموا منه أو يعيشون فيه، هذا الإيمان العميق الذي أثر في حياتها برغم مشاقها ومراحلها المختلفة انتشر أثره وعدواه لكل مكان ذهبت اليه ولكل زمان تواجدت فيه وكل حدث كانت جزءا منه وكل إنسان مرت به.

تطوعت ندى في أحد الفرق الاغاثية، قبل أن تنتقل الى القاهرة من مدينتها حمص عقب الثورة السورية وما تبعها من استهداف للمدنيين ساعية في بدأ حياة آمنة والاجتماع مع عائلتها مرة أخرى واستكمال دراستها وأحلامها، لتواجه ظروفا ومراحل أخرى من الصعوبات كونها ملتمسة لجوء في مصر، من صعوبة الإجراءات وتغيير السياسات العامة لاستقبال اللاجئين/ات السوريين في مصر بشكل متكرر وصولا لصعوبات وإشكاليات الوصول للخدمات الأساسية ومنها استكمال التعليم العالي في مصر وتكلفته العالية واختلاف مناهجه، للصعوبات الاقتصادية في البحث عن عمل يغطي إحتياجات الحياة ويتوافق مع حلم استكمال التعليم، لمعوقات الاندماج وتجاوز صدمات الرحيل عن الوطن والانخراط في مجتمعات وثقافات جديدة، ولصعوبات كونها “امرأة” في مجتمعات تضطهد النساء وتستهدفهن وتنثر في طريق تمكينهن العديد المعوقات، ولكونها ناشطة مجتمعية أكثر عرضة للانتقاد والاستهداف من الجميع. 

بكل شجاعة وحب للحياة وأمل في مستقبل أكثر إشراقا وسلاما، وبين الشخصي والعام كانت معركتها من أجل تحقيق أحلامها ملهمة للكثير، انتهت من دراستها بعد مشاق طويلة من كلية إدارة أعمال بتقدير امتياز، كما استمرت في عملها بين العديد من الشركات الربحية من أجل الحصول على دخل يساعدها على تحمل تكاليف الحياة وإكمال دراستها، ثم العمل مع المنظمات الإغاثية المحلية والدولية المختلفة من خلال مشروعات مختلفة تخدم فئات متعددة من المجتمع المصري ومجتمعات اللاجئين/ات والمهاجرين/ات. 

إلى جانب عملها ودراستها كانت ندى حريصة علي استمرار نشاطها في مجالات مختلفة من أجل تدعيم المبادئ التي تؤمن بها، ومن أجل خدمة مجتمعها الذي آمنت دائما بحقه في عيش حياة أفضل، نشطت الفقيدة “ندوش المبتسمة المتفائلة” -كما كانت تصف نفسها- في مصر منذ بداية انتقالها عام ٢٠١٣ فى مساعدة  مجتمعات اللاجئين/ات والمهاجرين/ات وأولت اهتماما خاصا للنساء والأطفال وقضاياهم/هن وكان على رأس أولوياتها “مواجهة خطاب الكراهية والتمييز والتحريض والعنصرية، مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، توفير الحماية للنساء والفتيات المتعرضات للعنف بكافة أشكاله، تعزيز وجود مساحات آمنة للأطفال المهاجرين، تمكين النساء اللاجئات وملتمسات اللجوء من خلال المشروعات الاقتصادية، إتاحة خدمات دعم عاجل وطارئ للاجئين/ات الطبي والنفسي، إتاحة وصول اللاجئين/ات وملتمسي/ات اللجوء للخدمات الأساسية، والدمج من خلال توفير حق التعليم، والتغيير من خلال الفن”. 

شاركت ندى في تأسيس فريق الطوارئ السورية التطوعي الذي تشكل من شبان وشابات مصريين وسوريين بهدف دعم و خدمة المجتمع السوري في مصر من خلال توفير المساعدات الطارئة والربط بين المنظمات من أجل خدمة المجتمعات، كما تطوعت لمدة ثلاث سنوات في مشروعات لمساعدة الأمهات على محو الأمية اللغوية، كما تطوعت في المساحة الصديقة للأطفال اللاجئين بمدينة السادس من أكتوبر، وفي نفس الوقت كانت أحد متطوعي فريق العمل لإنتاج دليل خدمات للاجئين السوريين المقيمين في مدينة السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان والعبور لمساعدتهم على الوصول إلى الخدمات الحكومية وكيفية الانتهاء من الإجراءات وسهل الوصول الى المستشفيات والعيادات الطبية والجمعيات التي تقدم خدمات للسوريين/ات، في نفس الوقت تطوعت كمدرسة للأطفال في عدة مدارس ومراكز تعليمية مجتمعية بديلة وهو الأمر الذي كان يمثل شعف كبيرا لها حيث كانت دائمة المطالبة بتوفير بيئة مناسبة للأطفال أجيال المستقبل، علي جانب ذلك كانت ترى في الفن والرياضة أدوات يمكن من خلالها تغيير الكثير داخل المجتمع ومساعدة الضحايا والناجين على إبراز أصواتهم والتعبير عن قضاياهم وهو ما دفعها للمشاركة في تنظيم العديد من الأحداث الرياضية والفنية التي تركز على مواجهة العنف والتمييز والمساعدة في الدمج.

ندى مع فريق الطواريء السورية في مصر
ندى مع فريق الطواريء السورية في مصر

قبل أن تنتهي فترة إقامتها في مصر والتي امتدت لما يقارب الثمان سنوات كانت قد بدأت عملها كبيرة باحثين في منظمة سانت اندروز لخدمات اللاجئين، مستخدمة كل ما تملك من مهارات وخبرات في خدمة المجتمعات الأكثر ضعفا و تهميشا بكل ما تملك من أفكار وطاقة ونشاط.

ندى ظلام تدير دورة محو أمية لغوية للأمهات السوريات
ندى ظلام تدير دورة محو أمية لغوية للأمهات السوريات

عرفها زملائها دائما بحبها وإخلاصها وابتسامتها التي لا تتوقف حتى في أصعب الظروف ومبادرتها، لم تبخل علي أي إنسان بمعلومة أو خبرة أو مشاركة قصتها لعلها تساعد الأخرين، اهتمت بنقل كل ما تعلمته لزملائها وأقرانها، كما كانت حريصة على التشبيك المستمر بين معارفها الذين يعملون في مجالات متقاربة.

في ظل انشغال جل وقتها بين العمل والأنشطة المختلفة التي انغمست فيها، كانت ندوش حريصة على التواجد مع عائلتها و أصدقائها والمقربين منها، تشارك الأفراح والأحزان والأوقات الهامة والصعبة.

بعد ثمان سنوات كان عليها الإنتقال مرة أخرى ووداع كل شيء عرفته وارتبطت به في مصر وبدء تغريبة ثانيه في السويد بحثا عن حياة أكثر أمنا ومستقبل أكثر استقرارا، قبل وبعد سفرها وبرغم مصاعب ومشاق الاندماج مرة أخرى وتعلم لغة جديدة لم تتوقف مساهمات ندى في تدعيم مجتمعات المهاجرين/ات واللاجئين/ات داخل مصر وخارجها.

ساهمت زميلتنا ندى ظلام في بدء وتأسيس منصة اللاجئين في مصر من خلال الاشتراك مع فريق المنصة في تطوير وتصميم أفكار الأنشطة الأكثر ملائمة ثم بمساعدة المستفيدين/ات بالمعلومات حول مقدمي الخدمات وطرق الوصول إليهم، والمساهمة في تطوير الأدوات الرقمية لمساعدة اللاجئين/ات وملتمسي/ات اللجوء والمهاجرين/ات.

في مارس من العام الماضي ٢٠٢٢ أعلنت ندى إكتشاف إصابتها بسرطان القولون في مراحل متأخرة من المرض، كان الخبر مفجعا لها ولعائلتها ولكل محبيها، قبل إسبوع واحد من حفل زواجها الذي كان محددا، واجهت الخبر الصاعق بكل صبر وشجاعة وإيمان وقوة لتعلن عن مرضها بادئة حديثها عن المرض كهدية من الله لأن “الابتلاء هو هدية وفرصة من ربنا لنقرب منه أكثر ونصبر ونتأمل كل الخير منه سبحانه وتعالى”، كانت عائلتها داعمة من أمها العظيمة الصابرة وزوجها وأخواتها وأصدقائها وزملائها، ناهية إعلان خبر اصابتها بالمرض ووصوله لمرحلة متأخرة بنصيحة لمن لديهم تاريخ عائلي مع مرض السرطان ضرورة الاهتمام بالفحص المبكر لتسهيل فرص العلاج والنجاة ومتمنية الصحة والعافية والأمان للجميع.

ندى ظلام مع زوجها بالمستشفى
ندى ظلام مع زوجها بالمستشفى

بعد اكتشاف مرضها المفاجئ والمفجع لها وللجميع لم تتوقف كتابات ندى ومساهمتها، استمرت في تقديم الاستشارات والدعم بكل ما يمكنها، ولم تبخل على زملائها بمعلومة أو نصيحة أو خبرة، حتى اللحظات الأخيرة كانت مثالا ونموذجا للإيمان والإخلاص لمبادئها و لخدمة البشر وتقديم كل ما تملك بكل حب وسعادة.

على مدار الشهور الماضية التي بدأت بأمل كبير في الشفاء بعد التحسن النسبي في رحلة العلاج، عادت الأورام تهاجم جسدها بشراسة وقوة لتبدأ رحلة علاج أكثر قوة وتأثيرا مطالبة الجميع بالدعاء لها ليتمكن جسدها من الصمود في مواجهة هذا البلاء الشديد مؤكدة على رضاها على الابتلاء وصبرها على القضاء، استمرت ندى في مشاركة مشاعرها عن الحاضر والماضي بكل محبة وابتسام في ظل مقاومتها للمرض الذي وصل إلى مراحل ربما لن يفيد معها العلاج، قبل أن تعلن في بداية رمضان في تهنئتها لأحبائها على مرور الشهر الكريم على وصول رحلة مرضها للنهاية، حيث أخبرها الأطباء بايقاف العلاج مما يعني أن المتبقي من حياتها ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أشهر والذي استقبلته بكل رضا وصبر واحتساب.

ابنة التسعة وعشرون عاما صاحبة الاحلام الكبيرة والامل الذى لا ينتهى رحلت عن عالمنا، وخسرنا انسانة جميلة ونقية ومسالمة ومحبة لكل البشر وصديقة حقيقية ورائعة وداعمة وزميلة ملهمة وذكية ومبادرة وطموحه ونشيطة ومؤمنة بكل ما تقوم به ومؤثرة في قلوب وعقول كل من مر ويبقى أثرها بعملها واصدقائها وكل من قابلتهم يوما وأثرت في حياتهم وقدمت لهم المساعدة بكل حب وابتسام، سوف نفتقدك ونفتقد حضورك ندوش، ولكنك ستبقين دائما هنا في قلوبنا وفي كل أثر تركتيه.

اذا لم تكونوا تعرفونها يمكنكم زيارة صفحتها على موقع فيس بوك والدعاء لها بالمغفرة والرحمة ولاهلها وأصدقائها بالصبر والسلوان:

https://www.facebook.com/profile.php?id=100011622967637

{{ reviewsTotal }}{{ options.labels.singularReviewCountLabel }}
{{ reviewsTotal }}{{ options.labels.pluralReviewCountLabel }}
{{ options.labels.newReviewButton }}
{{ userData.canReview.message }}

الاكثر قراءة

اخر الاصدارات

فايسبوك

تويتر

اشترك في القائمة البريدية

أعزاءنا المستخدمين والمستخدمات لمنصة اللاجئين في مصر، يسعدنا أن تبقوا على إطلاع دائم على كل التحديثات الهامة المتعلقة بالأخبار اليومية والخدمات والإجراءات والقضايا والتقارير والتفاعل معها من خلال منصاتكم على وسائل التواصل الاجتماعي، إذا كنتم ترغبون في الاشتراك في نشرتنا الإخبارية والإطلاع على كل جديد، سجلوا الآن.