قامت الحكومة المصرية مساء أمس الخميس بترحيل سبعة طالبي لجوء إريتريين قسرا إلى إريتريا على متن رحلة مصر للطيران رقم MS833. غادرت الطائرة مطار القاهرة الدولي في الساعة 10:40 مساء أمس، ووصلت اليوم أسمرة “عاصمة إريتريا” في تمام الساعة 2:25 صباحا. ( اطلعت منصة اللاجئين في مصر على تذاكر السفر الخاصة بهم ).
من بين المرحلين خمسة أطفال، عندما تم اصطحابهم مساء أمس إلى صالة رقم 3 في مطار القاهرة تجهيزا للترحيل لم يقدم لهم طعام أو ملابس أو ادوية أو اي نوع من المساعدات في حين أن منهم من يعاني من أمراض مزمنة وكانوا مرهقين من إجراءات الترحيل، كما أنهم كانوا مضربين عن الطعام منذ أكثر من خمسة أيام.
السبعة الذين تم ترحيلهم/هن قسرًا بالأمس من ضمن مجموعة مكونة من ثمانية عشر ملتمس و ملتمسة لجوء كانت السلطات قد قامت بإلقاء القبض عليهم/هن بعد دخولهم/هن إلى مصر بطريقة غير نظامية في 24 ـأكتوبر 2019 ، واستمر احتجازهم/هن لمدة عامين بدون سند قانوني في ظل ظروف سيئة.
احتجزت السلطات المصرية الثمانية عشر طالبي لجوء تعسفيا على مدار عامين بدون سند قانوني وبدون التمكين من حق التمثيل والدفاع القانوني ودون عرضهم على جهة تحقيق أو إعلامهم بسبب احتجازهم/هن رغم أن القانون المصري رقم 82 لسنة 2016 والخاص بمكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر ينص على أنه “لا تترتب أية مسؤولية جنائية أو مدنية على المهاجر المهرب عن جرائم تهريب المهاجرين المنصوص عليها في القانون، ولا يعتد برضاء المهاجر المهرب أو برضاء المسئول عنه أو متوليه في جرائم تهريب المهاجرين المنصوص عليها في هذا القانون”.
عانى المحتجزون/ات على مدار العامين من ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية وغير مناسبة للأطفال، تم فيها انتهاك كل الإلتزامات القانونية الوطنية والدولية فيما يتعلق بالإحتجاز، لم يتلق المحتجزون/ات أي نوع من أنواع الرعاية الطبية والصحية ووصل حد الإهمال لإصابتهم جميعا بأمراض عضوية خطيرة ” من بين المرحلين طفلة أصيبت بجلطة في قدميها خلال فترة الإحتجاز”، وقوبل طلبهم بالتواصل مع طبيب نفسي بالرفض حتى تردت صحتهم النفسية وخاصة الأطفال والذين تم احتجاز بعضهم وهم مازالوا رضع.
لم يتم تمكين المحتجزين/ات على مدار عامين من تقديم التماس لجوء على الرغم من طلباتهم مرات عديدة على مدار أكثر من عامين من الاحتجاز، كما لم تقدم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمصر أو شركائها أي نوع من أنواع الدعم للمحتجزين/ات وعائلاتهم/هن منذ لحظة احتجازهم/ن وحتى ترحيلهم/ن على الرغم من إبلاغهم عدة مرات عن الحالة من عائلات الضحايا ومن القيادات المجتمعية ومن ” منصة اللاجئين في مصر”.
بدأت السلطات المصرية في الشهور الماضية بالتعاون مع السفارة الإريترية بالقاهرة في استخراج وثائق سفر لخمسة عشر محتجز/ة من بين الثمانية عشر تمهيدا لترحيلهم قسرا إلى بلادهم، على الرغم من رفضهم/هن للترحيل و توضحيهم/هن لخطورة الترحيل على حياتهم/هن.
وكانت السلطات المصرية في 31 أكتوبر 2021، رحلت قسرا ثمانية أشخاص ينتمون لنفس العائلة، كان بينهم أطفال ونساء ومرضى من عائلة واحدة. اختفى أثرهم منذ لحظة وصولهم إلى إريتريا، حيث انقطعت أخبارهم حتى الآن. ليس هناك معلومات عنهم وفقدت عائلاتهم التواصل معهم منذ إعادتهم إلى إريتريا.
الأمر لا يتعلق فقط بالخمسة العشر – من نفس العائلة – الذين تم ترحيلهم قسرا يوم 31 أكتوبر والأمس، فمازال هناك ثلاثة محتجزين في قسم شرطة القصير وعشرات المحتجزين/ ات الإرتريين/ات في أقسام شرطة محافظات ( البحر الأحمر وأسوان ) تستعد السلطات لاستخراج وثائق سفر لهم/هن وترحيلهم/هن في الأيام القادمة.
إن الخدمة الوطنية الإجبارية في إريتريا، والتي تجند الآلاف كل عام، هي السبب الرئيسي لفرار الناس. والطريقة الرئيسية للهروب من النظام هي الهروب من البلاد. كما أن الحكومة أغلقت البلاد لدرجة أنه حتى أولئك الذين فروا بنجاح من البلاد يخشون التحدث علنًا، خوفًا مما قد يحدث لعائلاتهم. إذا تهربت من الخدمة الوطنية، فعندئذ يمكن اعتقالك. تطلب إريتريا تأشيرات خروج للمواطنين، والتي يصعب الحصول عليها. لقد هربوا دون تأشيرات السفر من إريتريا.
وعندما يتم القبض على من يحاول الهروب أو يتم إعادتهم كما حدث في 31 أكتوبر 2021 واليوم، يختفي الأشخاص قسرا ويُسجنون ويعذبون بشكل منهجي، وغالبًا ما يتم إعادتهم إلى الخدمة العسكرية. كما أن عدد السجناء بسبب ذلك في إريتريا غير معروف، على الرغم من أن هناك تقارير أفادت أنهم بالآلاف، والعديد منهم محتجزون لأجل غير مسمى دون محاكمة أو اتهامات أو الاتصال بالعائلة أو المحامين.
ويهرب الأشخاص من العمل الجبري في إريتريا “الشبيهة بالرق” وهي انتهاكات صريحة لحقوق الإنسان. حيث يمكن أن تتراوح الخدمة الوطنية من العمل الإداري إلى البناء والتدريب العسكري المتقدم، وليس لدى الإريتريين أي اختيار في هذا الشأن على الإطلاق. إضافة إلي أن نظام الخدمة المدنية برمته في إريتريا – المعلمون والأطباء والجميع لا يتقاضون رواتب مناسبة للعيش.
هؤلاء الأشخاص، وكثير منهم أطفال، يفرون من نظام عبودية حديثة على نطاق وطني والذي يحرمهم من اختيار الجوانب الرئيسية في حياتهم.
إن الاحتجاز التعسفي في ظروف لا إنسانية بسبب الدخول بشكل غير رسمي و الترحيل القسري إلى بلد يتعرض فيه الأشخاص للخطورة هى جرائم ضد الإنسانية وانتهاك صارخ للدستور والقانون المصري ولكل الإلتزامات الدولية والإقليمية التي وقعت وصدقت عليها مصر، على السلطات المصرية أن توقف ذلك الآن.