خلال منتصف الشهر الماضي عبر حوالي ٨ آلاف مهاجر إلى مدينة سبتة الخاضعة للإدارة الإسبانية وقيام قوات الشرطة الحدودية والجيش الإسباني بعمليات صد للقادمين بالقوة وإعادة مالا يقل عن ٥٧٠٠ ممن وصلوا مرة أخري للمغرب. تسبب الوضع في إحباط مسؤولي الحكومة الإسبانية، الذين حث العديد منهم الحكومة على نشر الجيش للتعامل مع المهاجرين. وأظهرت بعض مقاطع الفيديو الجيش الإسباني وهو يستخدم العصي والغاز المسيل للدموع لتفريق المهاجرين.
أدت الأحداث إلى وفاة ثلاثة أشخاص (صابر عزوز و العربي كريكش و شخص ثالث مجهول الهوية)، راحت حياتهم بين الإهمال المغربي والإنتهاكات الإسبانية لحقوق المهاجرين.
وكان أحد الذين ماتوا هو صابر عزوز البالغ من العمر ١٩ عامًا من مدينة الفنيدق في أقصي شمال المغرب. تعود قضية عزوز إلى يوم الاثنين ١٧ مايو، عندما قرر العبور إلى سبتة خلال محاولة هجرة جماعية غير نظامية.
قالت أسرته إنهم لم يتمكنوا من معرفة ما حدث لعزوز إلا بعد أن تعرفت الأم على ابنها من صور مقطع فيديو متداول على الإنترنت. بعد خمسة أيام من خبر الوفاة كشفت عائلة عزوز عن تلقيها رسائل هاتفية ومكالمات من شخص مجهول قدم نفسه للعائلة كموظف في محكمة سبتة. يخبر الأم أن ابنها قد غرق أثناء العبور وأن جثمانه دفن في سبتة.
وبالنسبة للأسرة، فإن وفاة صابر عزوز نتجت عن استخدام قوات شرطة الحدود الإسبانية للعنف لقمع المهاجرين وضربهم بالهراوات وإلقائهم في البحر مرة اخري بعد عبورهم. وأكدوا أن ملابس عزوز كانت تحمل علامات دم لا يمكن أن تكون ناتجة عن الغرق
.
صرحت الأم في حوار صحفي “لماذا لم يعيدوا ابني إلي؟ على الأقل كان بإمكاني دفنه هنا بالقرب مني.”و دعت إلى مساعدة المرصد الشمالي لحقوق الإنسان (ONDH) للضغط على إسبانيا لإعادة جثمان ابنها للتشريح. وقال المرصد الوطني لحقوق الإنسان انه يضغط على إسبانيا لإعادة جثمان صابر عزوز وفتح تحقيق في ملابسات وفاته. تلقت أسرة عزوز بعدها مكالمات هاتفية مشبوهة من نفس الشخص الذي قدم نفسه على انه موظف في محكمة سبتة لإخبارها بالتخلي عن طلبها لإعادة الجثة إلى الوطن لتشريحها.
وكان أيضا من بين الأشخاص الثلاثة الذين ماتوا “العربي كريكش” الذي كان يشتغل قيد حياته في محل لتحضير وجبات الأكل السريع في حي كنديسة السفلي بمدينة الفنيدق، وقد ترك وراءه زوجة وطفلة. ولا تزال الأرقام غير دقيقة حول عدد الذين قاموا بقطع المسافة الفاصلة بين الفنيدق وسبتة المحتلة، سباحة، كما لم يتم إصدار أي بلاغ رسمي من السلطات المغربية أو الإسبانية.
اعتداء آخر برز في معاملة القاصرين المغاربة الذين عبروا إلى سبته ولم يتوقف الأمر عند الاعتداءات أو الترحيل القسري والسريع بل تجاوز إلى ما هو مرتبط بالصحة. إذ إن العشرات من المهاجرين ممن أصيبوا بفيروس كورونا، وضعتهم السلطات الإسبانية في مستودع بدل نقلهم إلى مستشفى، بينما تستمر المحاولات لترحيلهم إلى المغرب. وقالت صحيفة “منارة سبتة” إن السلطات تحتجز ٧٢ مغربيا ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا المستجد في مستودع بحجة “العزل”، منهم ٦٣ حالة طفيفة، وجميعهم قاصرون تحت سن الثامنة عشر.
وأنشأت السلطات المحلية في سبتة مستودعات مؤقتة لإيواء القاصرين ويوجد حسب إحصائياتها ٨٨٦ قاصرًا موزعين على مستودعات بعضها كان مخصصا لتخزين السلع. كانت الأرقام الصادرة من السلطات والعديد من الصحف خلال محاولة العبور أنه كان قد عبر حوالي ١٥٠٠ شخص قاصر إلى مدينة سبتة، مما يعني أن السلطات قامت بالترحيل القسري لحوالي ٧٠٠ قاصر رغم نص القانون على رعاية الدولة لهم.
كما تقوم خدمة حماية الطفل في سبتة، التي تمكنت بالفعل من العثور على عدد كبير من العائلات، بتنفيذ عمليات البحث. حيث إنهم يقترحون إعادة القاصرين إليهم عند حدود سبتة مع المغرب، لكن في الغالب يتم رفضهم. لا يريد الوالدان أن يعود أطفالهم إلى المغرب ويختاروا إسبانيا لرعاية إعالتهم وتعليمهم وذكر “أسباب اجتماعية واقتصادية” لرفض عودتهم.
وتمكنت السلطات في سبتة حتى الآن من الاتصال بـ ٧٩ أسرة مغربية لإبلاغها بأن أطفالها الصغار يتم إيواؤهم في مراكز بعد هجرتهم قبل أسبوعين. رفضت أغلب العائلات رعاية أطفالها وتصر على أن إسبانيا يجب أن تتولى الوصاية. من بين ٧٩ عائلة تم الاتصال بها، رفضت ٧٣ عائلة عودة القصر وطلبت ٦ عائلات فقط عودتهم إلى ديارهم.
Post
Scan this QR code to read on your mobile device