رسائل الشتات..سردية المنفي والوباء – الرسالة الثانية

بيسان عدوان كاتبة وناشطة فلسطينية
بيسان عدوان كاتبة وناشطة فلسطينية

ننشر  ثاني رسالة من أول عمل أدبي للكاتبة والناشطة الفلسطينية بيسان عدوان، “رسائل الشتات..سردية المنفى والوباء”. 

جزء من إحدى “رسائل الشتات..سردية المنفى والوباء”وهو أول عمل أدبي للكاتبة والناشطة الفلسطينية بيسان عدوان، الكتاب عبارة عن مجموعة من الرسائل الأدبية التي كتبتها بيسان عدوان في منفاها بمدينة اسطنبول، بعدما قامت السلطات المصرية بترحيلها قسرا في مارس 2020 ورفضت المحكمة الإدارية العليا دعوى الطعن في قضية ترحيلها و منعها من دخول مصر في يناير الماضي. حكت بيسان في رسائلها رواياتها عن المنافي والشتات وعن المحنة التي لا تتوقف عند اللجوء وتاريخه معها ومع شعبها الفلسطيني وعن حالة اللجوء والتهميش والحياة الطارئة التي يعيشها كل اللاجئين واللاجئات في العالم وأثر الجغرافيا في تكوين الشخصية وما تتركه هذه التجربة من ندوب في الروح، بالتزامن مع ما يعيشه العالم في الوباء و كوفيد 19 الذي مر عليه عامين ولا يزال يلقي بثقله على حياة ملايين من البشر وأثره الثقيل على الروح في ظل سياق اللجوء العصيب. 

 الكتاب متاح الآن في مكتبات “خطوة للكتاب العربي” و “مكتبة موزاييك العربية” في إسطنبول بتركيا، وسيكون متوافرا في مصر قريبا.

 


 

رسائل الشتات..سردية المنفي والوباء – الرسالة الثانية

في بلادنا، هُناك مساحةٌ ضيّقةٌ للبوحِ، كُلّما زادت الحرية، ضاقت العبارة. فحينَ تَبوحُ النّساء، اعْلَمْ أنّ هُناك أحكامٌ مُسبقةٌ توصمُ بها، ربما تصلُ للقتلِ على خلفيةِ الشّرفِ. لكنَّ الرّسائل التي نكتبها للأصدقاء والغرباء نافذة لبقاءٍ يُحتملُ وطوقُ نجاةٍ مِنَ الموتِ البطيء.

في فترةِ العزلِ كانَ البحرُ هو الذي يُناديني، أعرفُ أنّ البحرَ قريبٌ مِنَ البيتِ الجديدِ، أشعرُ به، أشمُّ رائحتهُ، أبحثُ عنه كُلّما خرجتُ في ساعاتِ المسموحِ بها لشراءِ الطّعامِ، يُبصرني مِن فوق التّلالِ.. أمشي باتجاه الزُّرقةِ غير المحدودةِ، لكنّي أتوه ولا أصلُ إليه إلا قليلاً.

أتعرفُ أنّ أيمن صفيّة ذلك الرّاقص الفلسطيني الذي كانت فسحتهُ الوحيدةُ هي البحر، كانَ يرقصُ علي الموجِ ويُخبّئ البحر في عباءتهِ؟ منذُ أيامٍ غابَ في البحرِ ولم يعُد، لم تنقذه شرطةُ الاحتلالِ لأنّهُ ببساطة ليس يهودياً.. هكذا ردّت سُلطات الإنقاذِ على صاحبيه حين استنجدوا بهم: هل هو عربي أم يهودي؟

نام صفية بين الموج إلى الأبد، كانت كُلُّ تهمته أنّه فلسطيني، بينما البحر كان حنوناً عليه وأعادهُ إلى البلادِ، إلى شواطئ طنطورة. وطنطورة تعني المسكن بالكنعانية.

وحدة ألكسندروني في الجيش الإسرائيلي بمفردها اقترفت في 23 مايو 1948 مجزرةً بحقّ أهالي قرية الطّنطورة، قضاء حيفا غداة احتلالها، وقتلت 230 فلسطينياً في المجزرة وهجّرت باقي أهلها البالغ عددهم 1700 فلسطينياً إلى الضّفة الغربية وبلاد الطّوق.

أنْ تكونَ  فلسطينياً يعني أنْ تُصابَ بالشّقاءِ الجميل، صفيّة أخذته البلاد وعادَ لها، والبحرُ طريقُنا للعودةِ، والبحرُ يا عزيزي هو مستودعُ أسرارِنا وأمانينا، يأخذُ الكلامَ ويسري به إلى الله. ما الذي باح به أيمن صفيّة للهِ قُبيلَ غيابه؟

 

 


264651718 5362292970453754 306997451052266766 n

 

“رسائل الشتات..سردية المنفى والوباء“،  العمل الأدبي الأول للكاتبة بيسان عدوان، متاح الآن في مكتبات “خطوة للكتاب العربي” و “مكتبة موزاييك العربية” في إسطنبول بتركيا، وسيكون متوافرا في مصر قريبا.

 

لوحة الغلاف من إهداء الفنانة السورية ديما حموش

 

 


 

 قراءة الرسالة الأولي التي قمنا بنشرها سابقا من هنا 

قراءة المزيد عن من هي بيسان عدوان وعن تفاصيل ترحيلها من مصر من مقال (“انتهاك لحقوق الإنسان وحقوق اللاجئين” بيان من “بيسان عدوان” عن رفض دعوى الطعن على قرار ترحيلها القسري من مصر)

Post Scan this QR code to read on your mobile device QR Code for رسائل الشتات..سردية المنفي والوباء – الرسالة الثانية
Facebook
Twitter
LinkedIn