ليس اليمني الأول الذي يعلق بين المطارات…
في إطار متابعتنا لوضع الشاب اليمني مروان حازم القحطاني “العالق” في مطار إسطنبول لما يزيد عن عشرين يوما حتى الآن متنقلا بين المكسيك والاكوادور وتركيا ومصر، نتذكر آلاف الشباب اليمنيين الذين عانوا ومازالوا يعانون من أزمات مشابهة.
كانت هناك قضية مشابهة في سبتمبر ٢٠١٨ عندما تم توقيف ثلاثة شباب يمنيين في دولة الإكوادور “التي ينص قانونها علي سماح دخول اليمنيين دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة”، وترحيلهم إلي بنما ثم تركيا ثم مصر، عودة إلي اليمن، وهي الطريقة التي يتم ترحيل اللاجئين/ات اليمنيين/ات في حالة توقيفهم في أحد المطارات وهي ” الإعادة القسرية” للبلد التي قدم منها.
وعلي الرغم من تحرك العديد من النشطاء من المحامين والمحاميات المهتمين بقضايا الهجرة واللجوء في مصر وتركيا وقتها للضغط على أي دولة أن تسمح لهم بدخولها، قام العديد بإرسال رسائل استغاثة وطلبات تدخل عاجل إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR والمؤسسات العاملة على تقديم الدعم القانوني للاجئين بتركيا ومصر ولكن فشلت المحاولات وتم ترحيل الشباب في النهاية بدون تمكن المحامين/ات من الحصول على معلومات.
لن يكون الشاب مروان الأخير أيضا….
مع تجاهل أغلب دول العالم ما يحدث في اليمن وتدهور أوضاع البلاد بسبب الحرب وانهيار أوضاع البلد، يترك اليمن من يستطيع المغادرة أملاً في الحصول على أمان وصحة وتعليم وحياة كريمة، تلك الحقوق التي فقدوها في أوطانهم ولعلهم يجدونها في وطن بديل مخاطرين عناء وقسوة الرحلة ومعاناة العديد من المهاجرين والمهاجرات على أيدي مهربين قساة ومجرمين آخرين، بما في ذلك الاعتداء الجسدي والجنسي، والتعذيب مقابل فدية، والاحتجاز التعسفي لفترات طويلة، والعمل القسري بدون أجر، وحتى الموت.
إلا أنهم بعد خروجهم ومرورهم بكل هذه المعاناة وبعد وقت قصير يواجهون خطر الإعادة إلى اليمن، فقد تزايد ترحيل اليمنيين وإعادتهم قسريا إلى اليمن في قضايا الهجرة من بلدان كثيرة.
فعلي سبيل المثال لا الحصر، بحسب ما نشرته بي بي سي عربي في مايو ٢٠١٨ أن السعودية طردت ١٧ ألف مهاجر يمني اُعيدوا إلى بلادهم بسبب عدم امتلاكهم وثائق إقامة قانونية. وقال المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف في بيانٍ صحفيٍ في مارس ٢٠٢١، إن أكثر من ٧٠٠ يمني ما بين طالب ومريض وهارب من الحرب يعانون من عدم استقرار أوضاعهم في الهند، بعد أن رفضت السلطات الهندية منحهم الوثائق القانونية التي تمكنهم من الإقامة في البلاد، وتعمل على ترحيلهم تعسفاً إلى اليمن بالقوة والإكراه. وصرحت هيومن رايتس ووتش مؤخرا أن السلطات الأردنية في مارس ٢٠٢١ قامت بترحيل أربعة من طالبي اللجوء اليمنيين على الأقل مسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وأصدرت أوامر بترحيل آخرين تقدموا بطلبات لجوء. وأصدرت السلطات معظم أوامر الترحيل بعد أن حاول اليمنيون التقدم بطلب للحصول على تصاريح عمل وتسوية وضعهم كمهاجرين في البلاد.
ومازالت العديد من الدول ترفض دخول اللاجئين/ات والمهاجرين/ات من دولة اليمن، كما أنه من الظلم بمكان ان تستمر بعض الدول في اعتبار أن إعادة اليمنيين/ات تمثل خطر داهم عليهم/هن وعلى حياتهم/هنّ، بل الأدهى والأمر أن ترتكب بعض المؤسسات التي من المفترض أن تحمي حقوق اللاجئين/ات نفس الانتهاكات التي ترتبها بعض الأنظمة التي تطرد اللاجئين والمهاجرين.
تعتبر إعادة اليمنيين إلى بلادهم جريمة إنسانية بحق مرتكبيها، حيث أن اليمن يمر بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ومن الأكيد أنه ليس طريقا آمنا للمهاجرين، كما أنه ليس آمنا لليمنيين أنفسهم في العديد من المناطق المتضررة من النزاع.
يعد ترحيل المهاجرين وملتمسي اللجوء لبلد المنشأ أو لإقليم قد يتعرضون فيه للخطر لأي سبب هو جريمة إنسانية ومخالفة لكل الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي وقعت عليها كثير من الدول وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين 1951 وبرتوكولها المعدل، واتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية، وإعلان القاهرة لحماية اللاجئين والمهجرين داخليا في الوطن العربي.