– آخر تحديث، من خلال مصادر مطلعة وووثائق رسمية حتي يوم ١٧ يونيو، تم رصد ٥١ حالة وفاة لسودانيين وصلوا مستشفيات أسوان.
العدد مرشح للزيادة
تسجيل ٤٠ حالة وفاة لسودانيين/ات، وعشرات المصابين/ات في خطر الترحيل
ومفقودين/ات في أثناء العبور إلى مصر
تعزية ومطالب جادة
بلغت الحرارة في محافظة أسوان جنوب مصر يوم الجمعة الماضي 49.8 في الظل، مسجلة أعلى درجة حرارة في العالم ذلك اليوم، وتسببت الموجة الحارة في وفاة 40 شخصا على مدار أربعة أيام، وهي حالة نادرة، إذ حدث ذلك قبل نحو عقدين من الزمن في العام 2002 حينما سجلت مدينتا دراو والخارجة المجاورتين لأسوان درجات الحرارة نفسها.
تسببت هذه الموجة الحارة في كارثة جديدة على المهاجرين غير النظاميين/ات من السودانيين/ات، الذين يعبرون الصحراء إلى مصر بحثا عن ملاذ آمن، بحسب ما وثقته “منصة اللاجئين في مصر”، فإنه بين 7 و9 يونيو/ حزيران الجاري، لقي 40 شخصًا مصرعهم بينهم أطفال ونساء وأسر كاملة، بينما أبلغت عشرات العائلات عن فقدان ذويهم في أثناء رحلتهم/هن إلى مصر، كما وصل عشرات المصابين إلى مستشفيات مختلفة في محافظة أسوان.
يفيد شهود العيان في أسوان، بأنهم عند خروجهم في المناطق المحيطة بأسوان عثر الأهالي على سيارات مهاجرين سقط حولها سودانيون/ات، بينما تم الإبلاغ عن حوادث وفاة بسبب العطش والحروق جراء التعرض لحرارة الشمس العالية لوقت طويل، فقد تم الإبلاغ عن حالات أخرى ماتوا أو أصيبوا جراء حوادث للسيارات التي تقلهم، يؤكد شهود العيان أن الحالات التي وصلت إلى المستشفيات حتى الآن تم العثور عليهم/هن صدفة في الطرق حول أسوان وفي الدروب الصحراوية.
بينما يفيد الناجون/ات الذين/اللاتي تحدثت معهم “منصة اللاجئين في مصر” أن عدد المفقودين/ات في الصحراء أكبر من العدد الذي وصل إلى المستشفيات حتى الآن، وبحسب مصدر مطلع في أسوان، فإن السلطات المصرية تحتجز الناجين/ات من المصابين/ات تحت حراسة في المستشفيات، بينما يتماثلون/ات للشفاء ليتم ترحيلهم قسرا، أفاد أحد أفراد عائلة منهم/هن متوفين/ات ومنهم/هن مصابين/ات ناجين/ات أن السلطات أبلغت ذويهم في المستشفيات أنهم/هن تحت حراسة الشرطة لحين ترحيلهم/هن قسرا إلى السودان.
بينما لم تعلن السلطات المصرية عن أعداد الوفيات التي وصلت إلى مستشفيات أسوان، لم تصدر أي بيانات رسمية حتى الآن حول تنفيذ أي عمليات بحث وإنقاذ في ظل إبلاغ العديد من العائلات عن فقدان ذويهم/هن، فإن المفوضية السامية للأمم المتحدة لم تصدر أي بيان أو تصريحات حول ما حدث في أسوان والمنطقة الحدودية، بينما لم تقم المفوضية بزيارات للناجين لتسجيل الراغبين في تقديم التماس اللجوء.
بحسب توثيق “منصة اللاجئين في مصر”، فقد قامت النيابة العامة بتحرير عدة محاضر إدارية في أسوان في الأيام الماضية حول الجثث التي وصلت إلى المستشفيات، بينما لم يتم إجراء تحقيقات في وضع القتلى والمصابين في حوادث السير، وهو الأمر الذي وثقته منصة اللاجئين في تحقيق لها حول حالات مشابهة على مدار العام الماضي، لتصدر قرارات النيابة في النهاية بالتحفظ على الجثامين، وإحالة الناجين للجهة الإدارية -تكون في الغالب جهاز الأمن الوطني وإدارة الهجرة التابعين لوزارة الداخلية- وهو الأمر الذي يزيد المخاوف حول ترحيل الناجين/ات.
تسبب الصراع على السلطة في السودان في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، فاقترب عدد النازحين من الوصول إلى 10 ملايين فرد، فضلا عن آلاف القتلى والخسائر المادية، واصطدم النازحون بحدود قاتلة تتوافق مع نظام سياسي قمعي، فاختار السودانيون مسار الهجرة غير النظامية، مع ما يصاحبه من مخاطر عالية تصل إلى حد الوفاة، ويتعرض كثير من الناجين من أهوال النزاع المسلح إلى عمليات اعتقال غير آدمية على الحدود، ويُزج بهم في سجون سرية يتبع أغلبها للجيش المصري، ولا سلطة للجهات القضائية المدنية عليها.
بحسب المبدأ التوجيهي الرابع بشأن حقوق الإنسان على الحدود الدولية، فيجب على سلطات الحدود المكلفة بالإنقاذ “تحديد الأشخاص المعرضين لخطر الوفاة الوشيك، والمهاجرين المحتمل تعرضهم بشكل خاص للخطر على الحدود الدولية على الفور وتقديم المساعدة الملائمة لهم”.
وبحسب إجراءات ضمانات الحماية التي وضعتها اللجنة التنفيذية للمفوضية في تدابير الاعتراض “تتحمل الدولة التي يجري الاعتراض في إقليمها المتمتع بالسيادة، أو في مياهها الإقليمية، المسؤولية الأولى عن تلبية أي احتياجات من الحماية للأشخاص الذين يتم اعتراضهم”.
لا يمكن فصل السلوك المصري على الحدود عن التمويلات الأوروبية السخية للنظام المصري، في إطار مكافحة الهجرة غير النظامية، وقد دقم الاتحاد الأوروبي لمصر 5 ملايين يورو عام 2023 من أجل استقبال النازحين السودانيين، وفي دفعة أخرى خصص مبلغ 20 مليون يورو للوافدين السودانيين الجدد، لتغطية احتياجاتهم من الغذاء والمياه والصرف الصحي ومواد النظافة، فضلا عما سميّ بـ”الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر” بقيمة 8 مليارات دولار، التي تعد “الحد من الهجرة” أحد العوامل الأساسية لتلك الشراكة.
وقد رصدت المنصة تصاعدا في عمليات الاعتقال الموجهة إلى السودانيين عقب توقيع اتفاقية الشراكة، وعمليات ترحيل شملت لاجئين مسجلين، ولا تزال تلك الحملة مستمرة.
إننا في “منصة اللاجئين في مصر” نعمل على الرصد والتوثيق المستمر، فإذا كنتم فقدتم أحد ذويكم/كن في الأيام الماضية، يمكنكم/كن التواصل مع “منصة اللاجئين في مصر” والإبلاغ عن ذويكم/كن المفقودين/ات، وسوف يقوم فريقنا بالتأكد في حالة وجود اسمه بين الوفيات المبلغ عنها أو المصابين/ات الذين لدينا أسماؤهم.
وإذ تتقدم منصة اللاجئين بخالص العزاء لعائلات الضحايا، وتستمر في التضامن مع المصابين والمحتجزين/ات، وحتى لا يتكرر ذلك مرة أخرى، تطالب منصة اللاجئين، كل من:
السلطات المصرية:
- توفير فرق بحث وإنقاذ من قوات حرس الحدود، وإتاحة المشاركة للمنظمات المحلية والدولية التي لديها استعداد للانخراط في تلك العمليات.
- الالتزام بتنفيذ الاتفاقيات الدولية التي وقعت وصدقت عليها مصر، والتي تلزمها باستقبال وتمكين اللاجئين من تقديم طلبات اللجوء وحظر الطرد والترحيل القسري إلى بلد يواجهون فيه مخاطر.
- السماح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وأفراد عائلات المصابين من الوصول إلى المصابين/ات والمحتجزين/ات، وتمكينهم من التسجيل لدى مفوضية اللاجئين كملتمسي لجوء.
- على النيابة العامة التحقيق في وقائع الوفيات في المناطق الصحراوية، بما يشمل تبين الحقائق وعرضها للعامة.
- محاسبة المتقاعسين عن تنفيذ عمليات البحث والإنقاذ، والتحقيق في إمكانية الإنقاذ وعدم حدوثه.
- وضع تدابير خاصة للنساء السودانيات الحوامل، تضمن سلامتهن الجسدية وخصوصيتهن وأماكن مناسبة للراحة والحصول على الرعاية الطبية الطارئة، خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة في مدينة أسوان، ووضع آلية فورية تضمن وصولهن الكامل والتام إلى الخدمات الطبية وفترات النقاهة الشاملة، بما في ذلك تسهيل عمليات الدخول والتسجيل بسبب ظروفهن الهشة.
- إجراء تعديل تشريعي على القانون المصري، ينص على إلزام الدولة ومؤسساتها بتنفيذ عمليات البحث والإنقاذ المستمر على الحدود البرية والبحرية، تنفيذا لالتزامات مصر الدولية، وأن يتضمن التعديل أيضا نصوصًا واضحة تفرض المحاسبة القانونية على الجهات المسئولة في حالة التقاعس.
المجتمع الدولي:
- توفير الإمكانيات المادية والبشرية والتدريبية لفرق بحث وإنقاذ على الحدود البرية.
- ربط المساعدات الدولية بمدى الالتزام بقواعد حقوق الإنسان، ونصوص الاتفاقيات التي وقعت عليها مصر.
- وقف تجاهل الأزمة السودانية والتعامل معها بما يتناسب مع حجم الكارثة التي دفعت السودانيين للهجرة والنزوح.
- توفير مقارّ دولية للمنظمات على الحدود لتسجيل النازحين، ورصد مدى التزام قوات حرس الحدود بالاتفاقيات الدولية في التعامل مع النازحين.