Search
Close this search box.
تقارير

من السودان إلى مصر: قرارات مصرية تسببت في حركة هجرة غير نظامية بمخاطر عالية

الصورة: ركاب فارون من السودان الذي مزقته الحرب في محطة حافلات وادي كركر بالقرب من مدينة أسوان المصرية، في ٢٥ أبريل/نيسان ٢٠٢٣. وكالة الصحافة الفرنسية 📷©️

فريق عمل منصة اللاجئين في مصر

منصة رقمية مستقلة تهدف لخدمة اللاجئين واللاجئات.

مع دخول شهر رمضان، وبعد إحدى عشر شهرا من النزاع المسلح المستمر بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تزداد الأوضاع مأساوية على جميع المستويات داخل السودان وفي رحلة الخروج منها بحثا عن ملاذ آمن، توسعت رقعة النزاع المسلح وتوسعت معها دائرة الانتهاكات في السودان كله ما تسبب في تزايد حركة النزوح القسري في عدة محاور -داخليا وخارجيا- من بينها مصر.

تعود “منصة اللاجئين في مصر” مع سلسلة تقارير الحالة “من السودان إلى مصر” التي تعمل فيها على توثيق ورصد وتحليل أنماط الانتهاكات التي تحدث داخل السودان، والتي تسبب حركة نزوح قسري داخليا وخارجيا، في ظل انعدام الخدمات والتغطية الحقوقية والصحفية عن معظم مناطق الصراع داخل السودان، وصعوبة النزوح وارتفاع تكلفته المادية ومخاطره، وانتشار خطر المجاعة، يواجه النازحون والنازحات مخاطر من نوع مختلف في أثناء وبعد العبور إلى مصر بسبب سياسات مصرية ممولة من الاتحاد الأوروبي لقمع حركة الهجرة، وهي السياسات التي تشكلت لتستمر معاناة النازح وعدم استقراره حتى بعد العبور إلى مصر.

خلال هذا التقرير تعمل “منصة اللاجئين” على رصد وتوثيق وتحليل: تأثير الوضع الإنساني المتردي نتيجة استمرار النزاع المسلح داخل السودان، وارتفاع وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان وانعدام الأمن الغذائي والطبي، وارتفاع حركة النزوح القسري الداخلي والخارجي في السودان بنسبة هي الأعلى والأكثر خطورة في العالم حاليا “بحسب الأمم المتحدة” طالت 50 في المئة من الشعب السوداني تقريبا، متتبعة خلال التقرير وبشكل مركز حركة النزوح القسري من السودان إلى مصر، وتطورات الاستجابة المصرية على المستوى الحكومي والشعبي، وبيان تأثيرات القرارات الحكومية المصرية فيما يتعلق بشروط وإجراءات العبور إلى مصر في تحويل حركة النزوح القسري من نظامية إلى غير نظامية، بمخاطر عالية للغاية على حياة وأمان وحرية النازحين والنازحات قسرا.

يشمل التقرير:

  • تطورات الأوضاع الإنسانية منذ بدء النزاع المسلح.
  • الاستجابة المصرية لحركة النزوح إليها: (الحكومة المصرية، والمنظمات الدولية العاملة في مصر، والمجتمع المدني المحلي، ومبادرات التنظيم الذاتي المجتمعية).
  • المساعدات الدولية لمصر، في سياق النزوح من السودان.
  • الخلاصة.

 

تطورات الأوضاع الإنسانية منذ بدء النزاع المسلح 

يعاني السودان من اضطرابات كبيرة لعدم وجود حكومة تنفيذية، منذ رحيل حكومة عبد الله حمدوك على خلفية الإجراءات التي اتخذها الجيش في 25 أكتوبر 2021، ورغم ذلك وصل السودان في 5 ديسمبر 2022 إلى إبرام الاتفاق الإطاري لبدء الانتقال السياسي لمدة عامين، وتحدد 1 إبريل 2023 موعد توقيع الاتفاق السياسي النهائي، ونشأت خلافات عسكرية أجلت توقيع اتفاق نقل السلطة، وفي 6 إبريل 2023 قامت قوى الحرية والتغيير بتأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي.

اندلع النزاع الدموي في السودان منتصف إبريل 2023 وراح ضحيته -بحسب خبراء أمميين- ما لا يقل عن 13 ألف قتيل، و33 ألف جريح، وتعد الخرطوم وأم درمان وكردفان ودارفور المناطق الأكثر سخونة في الأحداث، وبحسب تقرير شامل أصدرته المفوضية السامية لحقوق الإنسان في 22 فبراير الماضي، فإن “طرفي الصراع استخدما أسلحة متفجرة ذات تأثير واسع النطاق في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، كما كشف التقرير أنه بحلول 15 ديسمبر، تعرض ما لا يقل عن 118 شخصًا للعنف الجنسي -بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي ومحاولة الاغتصاب- من بينهم 19 طفلا، ويذكر التقرير أن العديد من عمليات الاغتصاب ارتُكِبت في المنازل والشوارع من قبل أفراد ينتمون لقوات الدعم السريع”.

واستند التقرير إلى مقابلات أجرتها المفوضية مع 303 من الضحايا والشهود، بما في ذلك عشرات المقابلات التي أجريت في إثيوبيا وشرق تشاد، فضلًا عن تحليل الصور ومقاطع الفيديو وصور الأقمار الاصطناعية ومعلومات من مصادر مفتوحة أخرى.

ونتيجة الصراع الدائر فقد حذر القائم بأعمال ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان بيتر غراف، من أن ما لا يقل عن 25 مليون شخص يعانون من ارتفاع معدلات الجوع وسوء التغذية، فضلا عن تفشي الأمراض المعدية فقد أُبلغ عن أكثر من 10 آلاف حالة كوليرا، و5 آلاف حالة حصبة، وقرابة 8 آلاف حالة لحمى الضنك، وأكثر من 1.2 مليون حالة سريرية للملاريا.

نتج عن هذا النزاع -منذ بدئه- نزوح 10.7 مليون شخص منهم 9 ملايين داخل البلاد الآن، بينما نزح 1.7 مليون إلى دول الجوار وغالبيتهم العظمى (62 في المائة) من السودانيين، وتستضيف تشاد معظم الوافدين بنسبة 37 في المائة وجمهورية جنوب السودان بنسبة 30 في المائة ومصر بنسبة 24 في المائة في حين تستضيف إثيوبيا وليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى الباقي، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

ومن بين المهجَّرين أربعة ملايين طفل سوداني أي 13,000 طفل كل يوم لمدة 300 يوم بحسب المتحدث باسم اليونيسف جيمس إلدر.

الاستجابة المصرية لحركة النزوح 

كجزء من استجابتها لحركة النزوح القسري من السودان عملت “منصة اللاجئين” وبشكل قريب على رصد وتوثيق الاستجابة بمكوناتها المختلفة على الجانب المصري لحركة النزوح إليه، منذ بدء حركة النزوح وحتى اليوم، وتختلف مكونات الاستجابة بحسب الجهات المعنية: (الحكومة المصرية، المنظمات الدولية العاملة في مصر، المجتمع المدني المحلي، مبادرات التنظيم الذاتي المجتمعية)، أو تطورات عملية الاستجابة في سياق زمني منذ بدء حركة النزوح وحتى الآن، أو في التحديات التي واجهتها.

أولا، الاستجابة الحكومية المصرية: 

(تعمد تجهيل المعلومات، رفض عبور حاملي/ات الوثائق، إجراءات متغيرة تدريجيا غير معلنة تمنع عبور الأشخاص)

بناء على وجود اتفاقية عام 2004 بين مصر والسودان والمعروفة باسم اتفاقية “الحريات الأربعة” ومنها “حرية التنقل والحركة بين البلدين” فإن الأشخاص المتنقلين بين مصر والسودان في الأوضاع العادية قبل بدء النزاع المسلح لديهم سهولة وامتياز في عملية الحركة والتنقل بين البلدين، وعليه ومع بدء النزوح القسري في إبريل 2023 توجه العديد من النازحين/ات إلى مصر للدخول إليها -بحسب ما وثقته منصة اللاجئين- ولدى العديد من النازحين/ات في هذه المرحلة علاقة مع مصر بصورة أو بأخرى، سواء من خلال العائلة، أو وجود عمل أو دراسة سابقين، أو وجود أقارب مصريين أو سودانيين مقيمين في مصر”، بحكم تاريخ التواصل الاجتماعي والإنساني الطويل بين البلدين.

في الأسابيع الأولى من النزاع المسلح بدأت المنظمات الدولية والسفارات إجلاء رعاياها من السودان بشكل عاجل، جزء منهم تمت عملية إجلائهم/هن عبر مصر، وفي الوقت نفسه كانت عملية النزوح القسري حينها متاحة للأشخاص الذين لديهم امتياز (وجود جواز سفر أو أموال كافية للحركة بشكل عاجل)، ولكن مع استمرار النزاع المسلح في الخرطوم وانتقاله إلى ولايات أخرى، بدأت عمليات النزوح الداخلي والخارجي في الارتفاع، مع وضوح ما أسماه النشطاء السودانيون/ات “الإرادة لجعل السودان منطقة نزاع لوقت طويل”، ولم تعلن السلطات المصرية أو تصدر أي بيان بخصوص الإجراءات الخاصة بعبور النازحين من السودان إلى مصر خلال هذه الفترة، مما تسبب في انتشار العديد من المعلومات المغلوطة المرتبطة بكيفية وشروط وإجراءات السماح بالعبور من السودان إلى مصر وظهور عدد من مستغلي الأزمات للنصب على النازحين واستغلال معاناتهم، وبرغم المطالب الحقوقية التي قدمتها “منصة اللاجئين” للسلطات المصرية، فلا توجد -حتى الآن- قرارات معلنة بخصوص عملية دخول النازحين من السودان إلى مصر.

في الوقت نفسه رصدت منصة اللاجئين في مصر رفض السلطات المصرية عبور حملة الوثائق من اللاجئين/ات من المقيمين/ات في السودان من قبل بدء النزاع المسلح، بينما كانت عملية إجلاء الرعايا المصريين بطيئة ومتأخرة وبإجراءات متغيرة وغير واضحة، مما دفع العديد من الطلاب/ات المصريين/ات الدارسين/ات في الجامعات السودانية لإطلاق نداء لوزارة الخارجية والحكومة المصرية للمطالبة بإجلائهم عاجلا من السودان، في الوقت نفسه لم تكن هناك خطة عاجلة لإدماج الطلاب المصريين العائدين في الجامعات المصرية.

كما رصدت “منصة اللاجئين في مصر” إجراءات الدخول للسودانيين وغيرهم من النازحين مع بدء النزاع المسلح، ومع التجهيل للمعلومات، كانت السلطات المصرية مستمرة في تفعيل اتفاقية الحقوق الأربعة والسماح بعبور السودانيين دون إجراءات مسبقة مع بطء شديد في إجراءات حركة العبور في الأسبوعين الأولين من النزاع المسلح ووقتها كان يستمر انتظار الأشخاص لأيام أمام المعبر -بحسب شهادات وثقتها منصة اللاجئين حينها- وهو ما أدى إلى إصابة العديد من النازحين بالأمراض، وبعضهم ساءت حالته وتوفي، خاصة مع عدم جاهزية منطقة الانتظار حول المعبريْن لاستقبال عدد كبير من العابرين/ات.

مع استمرار تدفق النازحين سرعان ما بدأت الحكومة المصرية تشديد إجراءاتها، ففي 25 مايو 2023 أصدرت مصر قرارا بوقف التعامل بوثائق السفر المؤقتة للسودانيين على المعابر المصرية، وهي الوثائق التي كان معمولا بها منذ بداية النزاع المسلح في السودان وكانت السلطات المصرية تسمح بعبور حامليها من السودانيين/ات إلى مصر بعد الإجراءات المتبعة للعبور، وهو الأمر الهام الذي كان من خلاله يمكن وصول كبار السن والأطفال والمرضى ممن لا يمتلكون جوازات سفر إلى مصر.

وكانت السلطات السودانية تصدر وثائق السفر الاضطرارية في حالة انتهاء جواز السفر أو فقدانه لراغبي العبور إلى مصر من الفئات التي لا تحتاج إلى تأشيرة دخول مسبقة وهم (النساء، والأطفال أقل من 16 عاما، والرجال أكثر من 50 عاما) من خلال مكاتب الجوازات السودانية على الحدود، وذلك تيسيرا على النازحين لاستحالة القيام بإجراءات استخراج الجوازات بشكل طبيعي.

بعدها بأيام -في 7 يونيو 2023- أصدرت السلطات المصرية قرارا يلزم الفئات التي لا تحتاج إلى تأشيرة للدخول إلى البلاد -وفقا لـ”اتفاقية الحريات الأربع”- باستصدار تأشيرة دخول إلى مصر اعتبارا من يوم 10 من الشهر نفسه، ما عمَّق أزمة النازحين وأغلق الحدود الشمالية أمام أغلبهم، والملاحظ أن هذا القرار صدر في نفس يوم إعلان مجلس الوزراء المصري موافقته على مشروع قانون بإصدار قانون لجوء الأجانب، ولا تُعرف تفاصيل هذا القانون حتى اليوم.

تسببت هذه القرارات -منذ بدأ العمل بها- في تكدس كبير على المعابر الحدودية وزادت عملية الانتظار من تدهور الأوضاع الصحية بين النازحين وزيادة الوفيات -خاصة بين النساء والأطفال وكبار السن- بسبب الازدحام الشديد وطول مدة النزوح ونقص الطعام والدواء، والافتقار إلى مستلزمات النظافة والصحة والمياة النظيفة، ثم تحولت حركة النزوح القسري النظامية إلى غير نظامية، عبر سلوك العائلات والأفراد طرقا أكثر خطورة يتعرضون فيها لانتهاكات مروعة تشمل الاعتداء والموت، وفي أفضل الظروف التعرض للاحتجاز من السلطات المصرية سواء تم توقيف الأشخاص في المناطق الحدودية أو القريبة منها، أو تم توقيفهم داخل البلاد بعد عبورهم.

خلال رحلة التوقيف والاحتجاز التي وثقتها “منصة اللاجئين في مصر” من خلال شهود وناجين/ات، يتعرض الموقوفون/ات لانتهاكات تشمل (الاختفاء القسري، ثم التعرض في بعض الأحيان للمحاكمة العسكرية بما في ذلك الأطفال والنساء، أو التحقيق والمحاكمة بدون توفر شروط المحاكمة العادلة، ثم الاحتجاز بدون وجه حق في مراكز احتجاز غير مناسبة ولا تتوفر فيها المعايير الأدنى للكرامة الإنسانية)، كما وثقت “منصة اللاجئين” عمليات ترحيل سودانيين/ات خلال الشهور الماضية من مصر إلى السودان قسرا عبر المعابر الحدودية بعد فترات متفاوتة من الاحتجاز والاختفاء، في تقارير الحالة القادمة سوف تقوم “منصة اللاجئين” بعرض مفصل لمنهجية وأنماط الانتهاكات الممارسة وتحليلها في سياقات مختلفة.

نهاية أغسطس 2023 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء، رقم 3326 لسنة 2023 الذي ينص على أنه يتعين على “الأجانب المتقدمين للإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، للحصول على حق الإقامة للسياحة أو لغير السياحة، تقديم إيصال يفيد قيامهم بتحويل ما يعادل رسوم (الإقامة – غرامات التخلف – تكاليف إصدار بطاقة الإقامة) من الدولار أو ما يعادله من العملات الحرة إلى الجنيه المصري من أحد البنوك أو شركات الصرافة المعتمدة.

كما ينص القرار على أن الأجانب المقيمين بالبلاد بصورة غير قانونية يتعين عليهم توفيق أوضاعهم وتقنين إقامتهم شريطة وجود مُستضيف مصري الجنسية، وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار، مُقابل سداد مصروفات إدارية بما يعادل ألف دولار أمريكي تودع بالحساب المخصص لذلك وفقًا للقواعد والإجراءات والضوابط التي تحددها وزارة الداخلية”، ثم صدر القرار رقم 4313 لسنة 2023، بمد فترة توفيق أوضاع وتقنين إقامة الأجانب المقيمين بالبلاد بصورة غير قانونية المنصوص عليها بالمادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3326 لسنة 2023 المشار إليه، وذلك لمدة ثلاثة أشهر إضافية.

على خلفية هذا القرار، وبحسب موقع راديو دبنقا السوداني المستقل، يواجه “عدد كبير من السودانيين قرارًا بالإبعاد والترحيل من قبل السلطات المصرية بعد أن تم توقيفهم بسبب مخالفات تتعلق بإجراءت الإقامة، رغم أن بعضهم لاجئون مقيدون في سجلات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وبرأتهم المحكمة عن طريق إجراءات التقاضي العادية إلا أن سلطات أمن الدولة قررت ترحيلهم”.

بالإضافة إلى القيود القانونية المحلية، فإن عمل مكتب المفوضية السامية للاجئين في مصر تعرض إلى انتقادات وثقتها “منصة اللاجئين”، وهي انتقادات خاصة بنظام وسياسات تقديم خدمات التسجيل لدى المفوضية، وقد أدى هذا الخلل إلى طول فترة الانتظار الخاص بإجراء مقابلة مع موظفي المفوضية، التي قد تتراوح بين 4 إلى 6 أشهر، وتمتد هذه العملية إلى إصدار رقم مرجعي الذي يمهد للحصول على تصريح إقامة، وتبلغ مدة هذه العملية قرابة عام كامل للحصول على إقامة سارية تمتد صلاحيتها إلى ستة أشهر بحد أقصى.

أحد أسباب هذه المشكلة وجود ثلاثة مكاتب فقط للمفوضية (اثنين في القاهرة الكبرى والثالث في الإسكندرية)، ولا توجد مكاتب حدودية أو قريبة من الحدود مع السودان، ما تسبب في ضغط كبير على المكاتب الثلاثة، وارتفاع تكاليف الانتقال على الراغبين/ات في التسجيل، فضلا عن أنه لا يحق لهم الاستفادة من خدمات المنظمات والهيئات الحكومية والأهلية والدولية إلا بعد التسجيل، بالإضافة إلى انعدام الحماية القانونية لهم خلال تنقلاتهم/ن، ما أدى إلى اعتقالات وترحيل واعتداءات بحق الأشخاص الذين لا يحملون أوراقا ثبوتية، ثم تعززت الصعوبات بالقرار رقم 3326 وإضافته عبئا ماليا كبيرا على ملتمسي/ات اللجوء، ووصفته “منصة اللاجئين” في ورقة تحليل قانوني بأنه “استغلال من منظور عقابي، يخالف القانون ولا يحقق غرضه”.

بالإضافة إلى ذلك فإنه لا يُسمح للمقبوض عليهم بتقديم التماس اللجوء من داخل مقر الاحتجاز، ولا تتمكن المفوضية من التسجيل والتواصل داخل مقرات الاحتجاز بحسب بيان سابق لها في نوفمبر 2022 على موقعها العالمي، بينما لم يُنشر على موقع المفوضية في مصر أو على أي من منصاته، وقد وثقت “منصة اللاجئين” العديد من الوقائع التي دعمت ما جاء في بيان المفوضية حينها، وهو نفس النمط المستمر حتى الآن وبوتيرة أعلى بحق الأشخاص المتنلقين خاصة النازحين من السودان في الشهور الأخيرة.

كما وثقت المنصة مؤخرا اعتداء على لاجئات وأطفال أثناء وقوفهم/ن في الطابور المخصص للراغبين في الدخول إلى مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مدينة 6 أكتوبر، وأظهر الفيديو قيام أفراد أمن مصريين يرتدون الزي الرسمي لوزارة الداخلية بدفع لاجئين/ات منهم أطفال بشكل عنيف من أمام مكتب المفوضية، في أثناء وقوفهم في المكان المخصص للراغبين في الدخول إلى المكتب لتقديم طلبات، ويُسمع في المقطع المصور قيام أحد أفراد الأمن بتوجيه عبارات عنصرية ومهينة بقوله “يلا يا عبد، يلا يا وسخ” للأطفال المتواجدين مع عائلاتهم/هن.

دفعت هذه الأوضاع وما تترتب عليه من معاناة ومخاطر قانونية هيئة محامين دارفور إلى تقديم شكوى للمفوض السامي لشؤون اللاجئين والأمين العام للأمم المتحدة ضد مكتب المفوضية في مصر.

يُذكر أنه قد التقى وزيرا الداخلية المصري والسوداني يوم 2 مارس الجاري، وبحسب البيان السوداني فقد وجه الوزير المصري بتشكيل “آلية تضم المختصين بوزارتي الداخلية السودانية والمصرية والسفارة السودانية في القاهرة، للتوافق حول إجراءات التأشيرات والإقامة”، وأرجع (وزير الداخلية المصري) بطء إجراءات استخراج التأشيرات للسودانيين الراغبين في زيارة مصر، إلى إجراءات الفحص الضرورية لاستيفاء شروط التأشيرة، متعهدًا بتسهيل الإجراءات لضمان حصول أكبر عددًا من الراغبين فيها خلال وقت وجيز، ووعد الوزير المصري بتبسيط إجراءات إقامة السودانيين في مصر، ودعاهم لإكمالها في مكاتب الجوازات في العاصمة القاهرة والمحافظات، بحسب وسائل الإعلام السودانية.

لكن الملاحظ أن البيان المصري خلا من أي إشارة إلى مشكلات اللاجئين، واكتفى بالإشارة إلى اهتمام وزير الداخلية السوداني بتبادل الخبرات مع الأجهزة الأمنية المصرية المشهود لها بالكفاءة فى شتى مجالات العمل الأمني، فضلًا عن تطلعه إلى تعزيز قنوات الاتصال وآليات تبادل المعلومات بين الجانبين فى ضوء التحديات الأمنية التي تفرضها الأوضاع الراهنة بالمنطقة.

لقد واجه السودانيون/ات الموت من جهة وإغلاق الحدود الشمالية من جهة أخرى، ما عزز الهجرة غير النظامية وعمليات تهريب البشر، ويلاقي النازحون/ات والنازحات في رحلة الهجرة غير النظامية حوادث مروعة كالخطف أو الابتزاز أو الموت والترك في الصحراء، ورغم ذلك فإن الأمل في الخروج من أهوال القتال المسلح، يدفع ملايين السودانيين/ات إلى تجربة حظهم في الخروج بأي طريقة، وربما تفسر الهجرةُ غير النظامية التفاوتَ الكبير في تقدير أعداد السودانيين داخل مصر، ما بين أكثر من 400 ألف بحسب منظمة الهجرة الدولية، و4 ملايين بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهو مركز حكومي مصري.

ثانيا، الاستجابة على الجانب المصري (إدخال المساعدات إلى السودان):

على مستوى المساعدات المصرية إلى السودان، ومن خلال توثيق الأخبار والبيانات الرسمية المنشورة في هذا الصدد، فقد أرسلت مصر مساعدات إلى السودان عبر طائرات وسفن عسكرية عدة مرات، وقُدمت من جهات رسمية مثل وزارات الصحة والتضامن الاجتماعي والدفاع، كما اشتركت منظمات في تقديم المساعدات مثل الهلال الأحمر المصري وبيت الزكاة والصدقات، وقد كانت الاستجابة بإرسال المساعدات للمرة الأولى في 16 مايو 2023 بإرسال طائرتيْ مساعدات طبية بينما كان آخر بيان تحدث عن إرسال مساعدات عبر سفينة إمداد محملة بمئات الأطنان من المساعدات الإغاثية من مواد غذائية وإعاشة ومستلزمات طبية في 18 سبتمبر 2023.

ثالثا، الاستجابة على الجانب المصري، من المنظمات الدولية:

في الأسبوعين الأولين من النزوح القسري بعد النزاع المسلح، خلت المعابر الحدودية من أي تواجد للمنظمات الدولية العاملة في مصر، كما لم تصدر أيٌّ منها أيَّ معلومات أو بيانات رسمية، يرجع هذا التأخر إلى عدم وجود مكاتب للمنظمات الدولية في المناطق الحدودية أو القريبة منها أو المدن القريبة من الحدود الجنوبية، بما في ذلك المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

كما أن قرار رئيس الجمهورية 444 لسنة 2014 المتعلق بتحديد المناطق الحدودية والمتاخمة لها كمناطق عسكرية، والمحدِّد للقواعد المنظمة لهذه المناطق، يمنع أي تواجد إلا بتصريح الأجهزة الأمنية العسكرية المصرية، ما يعني أن تواجد المنظمات في هذه المناطق -بما يشمل المعابر الحدودية- يستلزم طلب تصريح أمني من جهات أمنية وعسكرية مختلفة بما في ذلك (الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، والمخابرات الحربية التابعة لوزارة الدفاع المصرية)، مما عطل التواجد ولو فقط من أجل التوثيق.

بحسب ما وثقته “منصة اللاجئين في مصر” فقد طلبت السلطات المصرية من المنظمات التي ترغب في تقديم المساعدات للنازحين/ات بتوجيه هذه المساعدات إلى “الهلال الأحمر المصري”، الذي أنشأ مراكز استقبال بالقرب من معبر أرقين فقط لتقديم المساعدة الطارئة والأولية للنازحين، وكان موقع فرانس 24 قد نشر تقريرا عن الدور الإغاثي بعد أسبوعين من بدء النزاع المسلح، نسبَ فيه إلى أحد المتطوعين في الجانب المصري، غياب وجود المنظمات الإنسانية الأممية والدولية عند معبر أرقين، وتحمل “الهلال الأحمر عبء الأزمة على الرغم من الإمكانات المتواضعة” ما أدى إلى اشتداد حدة الأزمة الإنسانية عند الحدود البرية، “وتبعد أقرب نقطة بها خدمات ومرافق حيوية عن معبر أرقين داخل السودان، نحو 500 كيلومتر، لذلك فإن العبور من خلال هذا الطريق يعد ملاذًا صعبًا ومحفوفًا بالمخاطر؛ خصوصًا للمرضى والأطفال”.

ويعاني نحو 25 مليون سوداني من أهوال القتال الشديد، واضطرت منظمات إغاثية إلى الانسحاب من مناطق القتال، لكن الأزمة الأكبر كانت عقب انتقال القتال إلى ولاية ود مدني، التي كانت بمثابة مركز للعمليات الإنسانية منذ بداية النزاع، وقال المتحدث باسم الأمين العام، ستيفان دوجاريك “إن منظمات الإغاثة قلّصت من وجودها في ود مدني بسبب القتال، حيث انتقل موظفوها إلى الدول المجاورة” ما فاقم أزمة النازحين.

ويقدم برنامج الأغذية العالمي مساعدات نقدية إلى السودانيين في مصر عبر تسجيل إلكتروني، عبر إدخال فريق برنامج الأغذية العالمي معلومات راغبي/ات الحصول على المساعدة النقدية في قاعدة البيانات، ويتحقق النظام تلقائيًا من أنهم لم يتلقوا هذه المساعدة من قبل، ثم يتم منح كل شخص بطاقة دفع إلكترونية تصل قيمتها إلى 15 دولارًا أمريكيًا للفرد، وتتلقى الأسرة العادية 75 دولارًا أمريكيًا. ويمكن للأشخاص صرف الأموال من البطاقة من خلال مزود خدمة مالية، مما يمنحهم حرية الإنفاق خارج منطقتهم، إذا احتاجوا إلى الانتقال مرة أخرى، وإلى جانب معلومات الاتصال، يتم طرح أسئلة أساسية حتى يتمكن برنامج الأغذية العالمي من تحديد الأفراد الأكثر احتياجًا لمزيد من المساعدة، على سبيل المثال، النساء الحوامل أو الأشخاص ذوي الإعاقة.

لكن لم يحدد البرنامج الشروط التي يقبل بمقتضاها تسجيل الأفراد، وما إذا كان يشترط تسجيلهم في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أولا، ما قد يعني استبعاد مئات آلاف النازحين/ات من تلقي المساعدات.

وقدمت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، خلاصة عن المجهودات الإغاثية المصرية للسودان منتصف فبراير الماضي، في حوار لموقع الأمم المتحدة، ذكرت فيه أن مصر قدمت كل ما يتعلق بالمساعدة الاجتماعية، فضلا عن دفع تكاليف سكن اللاجئين في أول شهرين لدخولهم إلى مصر، وكذلك تكاليف الرعاية الصحية لهم، فضلا عن التحويلات النقدية “سواء من خلال المنظمات غير الحكومية أو المؤسسات الدينية المصرية وغيرها من المؤسسات والسودانيين الآخرين في مصر الذين يدعمونهم بالتحويلات النقدية”.

رابعا، الاستجابة على الجانب المصري الشعبي:

تتصاعد حملات كراهية على وسائل التواصل الاجتماعي موجهةً إلى مجتمعات اللاجئين، وكان أحدثها ما كشفه تحليل لمنصة “متصدقش” تناول الفترة من 1 أكتوبر 2023 إلى 6 يناير 2024، وخلص التحليل إلى أن من يقف وراء الحملة ضد اللاجئين هي حسابات ومجموعات قومية التوجه، إلى جانب مؤيدين للرئيس عبد الفتاح السيسي، وما أكد ارتباط النظام المصري بالحملة أنها تُوِّجت بإعلان السلطات المصرية في التاسع من يناير بدء حصر وتدقيق أعداد اللاجئين والوافدين.

لم تكن هذه الحملة هي الأولى، فقد سبق لـ”منصة اللاجئين” إدانة خطاب الكراهية المتصاعد ضد اللاجئين/ات في مصر ومحاسبة المروجين له، خاصة مع وجود بيئة سامة من الجهل وتجاهل عام ومؤسَّسي لمناقشة قضايا اللاجئين/ات في مصر بشكل حقيقي، وعدم فهم/ توعية المجتمع بالاختلافات العرقية والدينية وحقوق الآخرين، وبالتأكيد عدم وجود أى تدابير لرصد خطاب الكراهية ومنعه، وعدم وجود تشريع مصري يعرف خطاب الكراهية.

خامسا، مبادرات على الأرض من جنوب مصر إلى القاهرة تواجه تحديات قانونية وأمنية:

رغم هذه الحملات الممنهجة على المنصات الرقمية وتصريحات المسؤولين الرسميين في مصر التي تربط بين وجود الوافدين والأزمة الاقتصادية في مصرية -والتي اعتبرتها منصة اللاجئين تطورا شديد الخطورة- تأتي الصورة في الواقع مغايرة من جهة المبادرات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني التي سارعت إلى استضافة السودانيين أو تقديم مساعدات لهم.

كان أبرزها المجموعات النوبية التي سرعان ما بدأت في استضافة النازحين/ات في منازلهم في أسوان وفي وادي كركر، بينما أعلنت مؤسسة مرسال عن تقديم الدعم الطبي للنازحين، وقامت مؤسسة أبواب الخير بتقديم الدعم الإنساني لعشرات العائلات، في حين انطلقت مبادرات مختلفة معلنة تقديم المساعدة ومنها “مبادرة مستورة”.

إلى جانب المبادرات المعلنة وثقت “منصة اللاجئين” مجموعات تنظيم ذاتي داخل مجتمعات النزوح نفسها، حيث بدأ النشطاء من النازحين/ات في تنظيم أنفسهم/هن لتقديم المساعدة للنازحين/ات الآخرين، وقد أعلنت “منصة اللاجئين في مصر” عن برنامج الاستجابة الطارئة، من خلال تقديم الدعم والاستشارات القانونية بشكل مباشر أو عبر الإنترنت، كما أطلقت استمارة طلب الوصول لمقدمي الخدمات المختلفين، مع الاستمرار في نشر الدلائل الإرشادية للقادمين الجدد إلى مصر التي تشمل المعلومات القانونية الأولية، وأيضا المعلومات عن مقدمي الخدمات المتاحين للتواصل معهم، كما تستمر “منصة اللاجئين” في عملها في رصد وتوثيق التطورات والانتهاكات عبر سلسلة تقارير الحالة “من السودان إلى مصر“، وفي السياق ذاته قامت المنظمة بإطلاق خريطة الانتهاكات التي يمكن للأشخاص المتنقلين البحث والإبلاغ عبرها عن الانتهاكات التي تواجههم/هن.

جميع هذه المنظمات والمبادرات (المسجل منها داخل مصر وغير المسجل) تواجه تحديات أمنية مختلفة، وبحسب ما وثقته “منصة اللاجئين” فإن السلطات الأمنية المصرية تفرض على المنظمات المسجلة وغير المسجلة العمل ضمن إطار محدد بما لا يشمل التوسع في تقديم الدعم للاجئين والأجانب، وفي الوقت نفسه عدم التحدث علنا عن أوضاع الأشخاص المتنقلين، بينما المنظمات التي تخالف هذا الإطار العام تتعرض للتهديدات والتضييق والاستهداف في عملها.

فضلا عن أن منظمات المجتمع المدني المصرية لا يمكنها العمل في تقديم الدعم أو الرصد والتوثيق في المناطق الحدودية والمتاخمة لها بما يشمل المعابر الحدودية، ومع تطبيقات القانون 82 لسنة 2016 الخاص بالهجرة غير النظامية فإن تقديم المساعدة للمهاجر المهرب قد يعرض مقدم المساعدة للمساءلة القانونية بتهم تتعلق بالضلوع في تهريب المهاجرين، وبرغم التحذيرات الحقوقية من استخدام هذا النص في تجريم تقديم المساعدة للمهاجرين جاء التعديل القانوني بالنص نفسه، الأمر الذي يمنع جميع المنظمات المسجلة من تقديم المساعدة، لأن نظام تقديم المساعدة من خلال هذه المنظمات يجب أن يتم في إطار إجراءات وزارة التضامن الاجتماعي التي تشترط أن يكون الشخص مستقبل الخدمة بهوية رسمية وإقامة سارية، بينما يمثل هذا النص خطرا كبيرا على المجموعات والمبادرات غير المسجلة التي قد يتعرض ناشطيها للمساءلة القانونية في حالة إثبات تقديمهم المساعدة للأشخاص الذين عبروا إلى مصر بصورة غير نظامية.

على مستوى التمويل، تواجه مكونات المجتمع المدني المصري إشكاليات كبرى تتعلق بالتمويل الداخلي (القائم على التبرعات المالية من مصريين)، فالتمويل يقلُّ تبعا للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وفي الوقت نفسه فإن التمويل الخارجي -من خارج مصر- قد تصل مدة الموافقة عليه وإجراءات التحويل البنكي أكثر من ٤ أشهر -بحسب مدير إحدى المنظمات الخيرية المسجلة في مصر- بينما تتم ملاحقة أي مجموعة أو شخص يتلقون تمويلا خارجيا، وهذه القيود المفروضة تعيق عمل المنظمات خاصة في الظروف الطارئة مثل حركات النزوح القسري الواسعة.

الدعم الدولي المقدم لمصر لتوفير الاستجابة للسودانيين والسودانيات

بحسب المعلومات التي وثقتها “منصة اللاجئين في مصر”، فإن المسؤولين المصريين طلبوا لأول مرة دعما مباشرا من الشركاء الأوروبيين بعد بدء عمليات النزوح القسري من السودان إلى مصر نتيجة بدء النزاع المسلح في الخرطوم، على الرغم من عمق العلاقات المصرية – الأوروبية في العديد من المجالات وعلى رأسها مجالي “حوكمة الهجرة، وإدارة الحدود”، إلا أن السلطات المصرية لم تطلب بشكل مباشر من الشركاء الأوروبيين دعما عاجلا ومباشرا لما أسمته “استضافة اللاجئين والمهاجرين” حتى بدء حركة النزوح القسري من السودان إلى دول الجوار ومن بينها مصر.

في سياق النزوح السوداني، خصص الاتحاد الأوروبي 5 ملايين يورو في عام 2023 للمساعدات الإنسانية، لمساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء الأكثر ضعفًا في مصر، ويغطي التمويل الإنساني للاتحاد الأوروبي قطاعين رئيسيين: التعليم في حالات الطوارئ والاحتياجات الأساسية، وأضاف الاتحاد 20 مليون يورو للوافدين السودانيين الجدد، لتغطية احتياجاتهم من الغذاء والمياه والصرف الصحي ومواد النظافة.

كما قدمت الولايات المتحدة في مايو 2023 مساعدة مبدئية بقيمة 103 ملايين دولار لأغراض المساعدات الإنسانية لدعم السودان والدول المجاورة التي تعاني من آثار الأزمة، وستذهب من هذا التمويل 6 ملايين دولار إلى مصر، وأطلق برنامج الأغذية العالمي برنامج مساعدات نقدية طارئة لدعم الأشخاص المستضعفين الفارين من الصراع في السودان إلى مصر في مايو 2023.

وفي 21 مايو أعلن رئيس وفد الاتحاد الأوروبي في مصر السفير كريستيان بيرجر تقديم الاتحاد الأوروبي 200 ألف يورو لجمعية الهلال الأحمر المصري لمساعدة القادمين من السودان إلى مصر، وذلك في المؤتمر الصحفي الذي أُعلِن فيه عن الدعم المقدم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي بإجمالي 27 طن إمدادات رعاية صحية فورية لتعزيز مجهودات الحكومة المصرية على الحدود الجنوبية فى مواجهة الأزمة السودانية.

وفي 20 يونيو أعلنت الولايات المتحدة عن تقديم قرابة 172 مليون دولار من المساعدات الإنسانية الإضافية للشعب السوداني والدول المجاورة التي تعاني من آثار الأزمة الإنسانية المستمرة، ويصل بهذا التمويل إجمالي المساعدات الإنسانية التي قدمتها الولايات المتحدة للسودان والدول المجاورة خلال هذه السنة المالية أكثر من 550 مليون دولار، بما في ذلك إلى تشاد ومصر وأثيوبيا وجنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى، وذلك بغرض الاستجابة إلى احتياجات اللاجئين والنازحين والمتأثرين بالنزاع في المنطقة.

يُذكر أن النداء الأممي لعام 2023 من أجل جمع 1.7 مليار دولار للسودان لم يُموَّل منه سوى نصفه فقط، بحسب وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، ما دفع الأمم المتحدة إلى إطلاق نداء جديد لجمع 4.1 مليار دولار في عام 2024 لسد الاحتياجات الإنسانية في السودان.

وفي فبراير الماضي قالت منسقة الأمم المتحدة المقيمة في مصر إلينا بانوفا إن حوالي 300 شخص يصلون إلى مصر يوميا من السودان، وأوضحت أنه بعد فترة وجيزة من بدء وصول أول اللاجئين واللاجئات إلى مصر، خصَّصَ مارتن غريفيث، تمويلا من الصندوق المركزي للإغاثة في حالات الطوارئ لفريق الأمم المتحدة في مصر من أجل التمكن من توسيع نطاق الاستجابة، وعملوا على إقامة مرافق مياه وصرف صحي ونظافة صحية على الطريق الذي سلكه اللاجئون في طريقهم إلى مصر، كما تلقى أكثر من 270 ألف شخص مساعدات نقدية من الأمم المتحدة، ودعما طبيا أساسيًا.

الخلاصة

مع بدء النزاع المسلح في السودان يوم 15 إبريل 2023، بدأت حركة النزوح السوداني إلى دول الجوار ومنها مصر، وكانت عملية النزوح القسري حينها متاحة للأشخاص الذين لديهم امتياز، ومع تزايد أعداد النازحين/ات بدأت السلطات المصرية في وضع أول القيود يوم 25 مايو، ثم تزايدت القيود على النحو السالف ذِكْره، وهي قيود قانونية على حركة الهجرة والدخول من المعابر الرسمية، وقيود قانونية ومالية على الموجودين في الأراضي المصرية، وقيود أمنية عبر حملات الاعتقال والترحيل وعدم تمكين بعض النازحين/ات من حقوقهم القانونية، المفصَّلة في التقرير.

أدت قيود الدخول من المعابر إلى اتجاه الهاربين من القتل والدمار في السودان إلى الهجرة غير النظامية، رغم مخاطرها وتعرض اللاجئين إليها إلى الابتزاز والاعتداء والسرقة والترك في الطريق، بحسب ما وثقته تقارير صحفية عديدة.

كما تزامن مع قيود الدخول استمرار مشكلات نظام التسجيل في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة في مصر، وهي مشكلات متعددة منها قلة عدد المكاتب المقدِّمة لخدمات المفوضية، وبطء الاستجابة للاتصالات الهاتفية، وطول مدة انتظار راغبي/ات التسجيل للحصول على موعد، وعدم وجود مكاتب قريبة من الحدود تسهِّل الحصول على الخدمات وتمنع تعرض النازحين من بلادهم إلى مخاطر قانونية لعدم حملهم أوراقا قانونية في مصر خلال رحلات التنقل من أقصى الجنوب إلى مكاتب المفوضية في العاصمة المصرية ومدينة الإسكندرية.

إن أوضاع القتال المدمِّر في السودان المصحوب بانتهاكات مروعة من الطرفين، دفع الملايين منهم إلى النزوح الداخلي أو الخارجي، ومع القيود المفروضة على النازحين، وضعف التمويل الدولي، يضطر نازحون إلى العودة إلى منازلهم في أماكن النزاع المسلح، ولا تنتفي مسؤولية هذا الوضع عن المنظمات الدولية، ودول الجوار المستقبلة للنازحين/ات، والدول المانحة التي لم تلتزم بما أعلنته من مساهمات مالية وعينية، ما يوجب تحركا إغاثيا دوليا عاجلا وتخفيفا للقيود بجميع أشكالها من دول الجوار على النازحين.

إننا ندعو السلطات المصرية إلى الالتزام ببنود معاهدة 1951 الخاصة بحقوق اللاجئين والبروتوكول الخاص بها لعام 1967، والالتزام بمبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه صراحة في أحكام القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي للاجئين، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وإن ورد بنطاقات مختلفة وشروط مختلفة للتطبيق في كل فرع من فروع القانون المذكورة، فالكثير من النازحين/ات لا يصنفهم القانون باعتبارهم لاجئين أو ملتمسي لجوء حتى تبدأ العملية التنظيمية لتسجيلهم، ما قد يسوِّغ رفع الحماية القانونية عنهم في نظر النظام، إلا أن مبدأ عدم الإعادة القسرية الذي وقعت مصر على التزامات متعددة تتضمن ذِكْرَه صراحة، يوجب عليها عدم وضع قيود أمام الهاربين من النزاع المسلح في السودان.

وندعو الدول المانحة للمساعدات إلى الإسراع بالوفاء بالتزاماتها المخصصة للسودان، والتركيز على النفقات المقدمة إلى دول الجوار السوداني لتكون بغرض المساعدات الإنسانية في المقام الأول، بدلا من التركيز على المساعدات المقدمة بغرض ما تسمى بعمليات “إدارة الحدود وإجراءات مكافحة التهريب والعودة الطوعية” بينما هي عمليات تزيد من معاناة النازحين في سياق عملية أكبر لعسكرة وتمديد الحدود الأوروبية إلى دول جنوب البحر المتوسط.

{{ reviewsTotal }}{{ options.labels.singularReviewCountLabel }}
{{ reviewsTotal }}{{ options.labels.pluralReviewCountLabel }}
{{ options.labels.newReviewButton }}
{{ userData.canReview.message }}

الاكثر قراءة

اخر الاصدارات

فايسبوك

تويتر