Search
Close this search box.

هنّ بطلات اليوم وكل يوم

الصورة ل UNHCR Egypt ( للسيدة السودانية هويدا، أتت إلى مصر في ٢٠٠٣ بعد وفاة والدها ووالدتها وتعرضها لمخاطر لا تحتمل اضطرتها لترك الوطن بحثا عن الأمان، طورت هويدا من مهارتها في الخياطة والتطريز حتى أصبحا مصدر الرزق الوحيد لها ولأطفالها الأربعة... وهي واحدة من آلاف اللاجئات في مصر اللاتي يكافحن من أجل حياة كريمة لهن ولأطفالهن)
تستضيف مصر أكثر من 250 ألف لاجئ ولاجئة مسجلين لدي المفوضية السامية نصفهم من النساء معظمهن نساء معيلات ( تعيل أسرة وتنفق عليها) ، ويوجد آلاف غيرهن من اللاجئات الغير مسجلات، والمهاجرات بشكل غير رسمي وأيضا عاملات المنازل…برغم الألم الذي يكتنف تجربة اللجوء بشكل عام فإن النساء بشكل خاص يتحملن التكلفة الأكبر في التجربة من أجسادهن وأرواحهن وتتضاعف الإنتهاكات بحقهن في كل مرحلة من مراحل اللجوء.
حاربن من أجل الهروب من بلادهن فرارا من الموت والإنتهاكات، كان طريق الهروب صعبا محفوفا بالمخاطر خاصة للنساء يحيطه الإستغلال و الإنتهاكات الجسدية والجنسية، إضافة لصعوبات حياة اللاجئين اليومية فإنه يتوجب عليهن أن يحاربن يوميا طواحين الهواء من أجل توفير لقمة عيش كريمة لهنّ ولمن يعِلن في ظل صعوبة الأوضاع الإقتصادية في البلاد وعدم قدرتهن على العمل بشكل قانوني – في العديد من الأحيان – مما يعرضهن لضياع حقوقهن كعاملات، تضاعفت هذه الأزمة مع الآثار التي تخلفها جائحة كورونا من بدايتها وحتى الآن من تأزم سوق العمل وإنعدام فرص العمل وتخلي الكثير من أصحاب الأعمال عن العاملين/ات بدون حقوق أو مكافآت نهاية الخدمة، كان ذلك أكثر صعوبة مع ضعف إمكانيات منظمات الإغاثة عن توفير الإحتياجات الأساسية وإغلاق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مكاتبها في مصر لإحدى عشر شهرا تسبب بشكل مباشر في عدم تمكن العديد من اللاجئين و اللاجئات من تجديد بطاقاتهم أو الحصول على خدمات الحماية الاساسية أو التواصل المباشر أو الحصول على مواعيد، وبشكل غير مباشر تسبب الإغلاق في عدم التمكن من تجديد تصاريح الإقامة القانونية مما تسبب في عدم التمكن من الوصول إلى بعض الخدمات – مثل الخدمات الصحية في مواجهة الوباء، والتعرض لخطر التوقيف والإعتقال إضافة لعدم التمكن من إتخاذ أي إجراء قانوني في حالة الإعتداء عليهن – كما أظهرت الشكاوى التي وردتنا خلال الفترة الماضية.
وفوق كل ذلك يخضن قتال يومي من أجل توفير الحماية لأنفسهن من الإعتداءات الجسدية والجنسية ( والتي تصاعد الإبلاغ عنها في الأشهر الماضية نتيجة لارتفاع معدلات العنف بشكل عام وتزايد شكاوى الاعتداءات العنصرية ) بقدر الإمكان في ظل غياب لدور العدالة في حماية الضحايا وانعدام آليات الشكوى والإنصاف، ومهما حدث من انتهاكات لهن فإن الشكوى-اذا وجد لها سبيل- أصبحت بإجراءاتها والاستمرار فيها رفاهية للعديد منهن، كما أنهن لن يتمكن من الإبلاغ إذا كانت تصاريح اقامتهن منتهية، فضلا عن ذلك مازال نطاق الحماية واتخاذ إجراءات قانونية حقيقية تجاه العنف المنزلي نطاقا محدودا للغاية في ظل غياب الوعي المجتمعي وزيادة الوصم المجتمعي للشاكيات من العنف المنزلي.
تزداد الظروف الإنسانية التي تواجه اللاجئات والمهاجرات صعوبة يوما وراء يوم في كل تفاصيل الحياة اليومية، ومازلنا كل يوم نرى صمودا وتحديا ونجاحا ومواجهة تعطينا العديد من الدروس، فبرغم كل التحديات ما زلن قادرات على التجاوز والنجاح والتفوق، العديدات منهن يكملن تعليمهن إلى جانب الأعمال التي توفر احتياجاتهن الاساسية، بعضهن أسسن مشاريع خاصة، وبعضهن أصبحن رواد في العمل المجتمعي، بل وبعضهن أسسن مشاريع تساهم في خدمة مجتمعاتهن في مصر وتمكن غيرهن من النساء، برغم صعوبة التجربة مازلن قادرات على العطاء لمن حولهن وللمجتمع كله.
يجب على المفوضية السامية لشئون اللاجئين وشركائها من منظمات الإغاثة والداعمين لهم أن يساهموا بشكل أكبر في توفير بيئة حماية مناسبة للاجئات ( السيدات، الفتيات) على المستوى الداخلي من خلال فرض سياسات حماية صارمة ( حتى لا يتعرضن للمضايقات، أو الإنتهاكات من قبل موظفي الإغاثة)، وعلى المستوى الخارجي من خلال توفير بيئة حماية مناسبة في المجتمعات المضيفة من خلال التوعية المناسبة وتكثيف المجهودات في مشروعات الدمج المجتمعي بإستخدام طرق وأدوات مبتكرة والضغط من أجل صناعة سياسات عامة مناسبة لأوضاعهن، وتوفير الدعم القانوني الكافي لمساعدة الضحايا والناجيات، والمساهمة في تجاوز الأزمة الحالية التي تواجهنن في الحصول على الخدمات المختلفة، فضلا عن وجود حلول عملية لتسهيل تلقي الشكاوي في ظل تزايد الإبلاغ عن عدم تمكن الشاكيات من الوصول إلى تقديم طلب من خلال المفوضية.
تأخذ الحكومة المصرية – بأجهزتها التنفيذية المسئولة عن قضايا اللاجئين – منحى جديد في العمل على قضايا اللاجئين، كان منها خلال العام المنصرم على المستوى التشريعي إضافة مادة جديدة لقانون العقوبات، برقم (309 مكرراً ب)، والتي أوردت تعريفاً للتنمر والعنصرية وغلظت العقوبة على هذا النوع من الجرائم مما ساهم في معاقبة بعض الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم عنصرية وحقق ردع عام في هذا الأمر، إضافة إلى جهود حثيثة نحو صياغة سياسات عامة تخص اللاجئين من خلال تنظيم ورش عمل متتالية في الآونة الأخيرة بهدف صياغة مشروع قانون وطني ينظم حياة اللاجئين/ات في مصر، وعلى المستوى إنفاذ القانون كان هناك تحرك سريع من الأجهزة المعنية تجاه بعض القضايا كان منها حادثة التحرش الجماعي بفتاة سودانية في أكتوبر الماضي، ولكن مازالت القوانين الحالية غير كافية لتوفير حماية حقيقية للاجئين بشكل عام و اللاجئات بشكل خاص كما أن بعض العاملين في جهات إنفاذ القانون مازالت قضايا اللاجئات لا تمثل أي أولوية عندهم وليس لديهم وعي عن وضعهم والتزامات مصر الدولية تجاههم.
نرجوا ونطالب بأن تكون قضايا النساء والفتيات اللاجئات وحمايتهن ذات أولوية قصوى في عملية صياغة مشروع قانون ينظم حياة اللاجئين واللاجئات من قبل الجهات المسئولة عن عملية الصياغة ومن المشرع المصري، وحتى يحدث ذلك يمكن العمل على إصدار لوائح تنفيذية وتعليمات إدارية للجهات المسئولة عن إنفاذ القانون بهذا الصدد، كما نطالب بإتاحة تقديم شكاوى الاعتداءات الجسدية والجنسية والعنصرية لغير الحاصلين على تصاريح الاقامات حيث أن عدم استخراج تصريح الإقامة لا يمنع الإنسان من مزاولة حقه في التقاضي والدفاع عن حقه، نطالب أيضا بتشريعات تعزز من حماية اللاجئين واللاجئات وتوفر الحماية وخصوصية وسرية البيانات للضحايا والناجيات الشاكيات أمام الجهات القضائية والشهود، والتركيز على مشروعات الدمج المحلي للاجئين واللاجئات ورفع مستوى الوعي بحقوقهم/هن في المناطق التي يقطن بها، إضافة إلى ذلك يجب توفير الرعاية الصحية بشكل عام وخاصة للنساء اللاجئات مجانا حتى في حالة عدم استخراج تصريح الإقامة، ان التحرك في هذا الإتجاه إضافة إلى أنه سيساهم في إنهاء معاناة الآلاف فإنه سوف يساعد أيضا في عملية التنمية التي تطمح لها الدولة، أيضا يمكن قياس أثره الدبلوماسي إقليميا ودوليا.

الاكثر قراءة

اخر الاصدارات

فايسبوك

تويتر