تقطعت السبل بآلاف الأشخاص وبينهم نساء وأطفال على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا في ظروف مروعة وبرد قارس منذ بضعة أيام، وهم محاصرون في وسط نزاع جيوسياسي متصاعد. المهاجرون والمهاجرات معظمهم من دول مزقتها النزاعات من الشرق الأوسط وآسيا، والذين يأملون في السفر من بولندا إلى عمق أوروبا – متجمعين على الجانب البيلاروسي.
13 نوفمبر 2021 – صرحت الشرطة البولندية، إنه تم العثور على جثة رجل سوري في اليوم السابق بالقرب من الحدود البيلاروسية. وقالت “إنه شاب سوري الجنسية يبلغ من العمر نحو 20 عاما”. وأضافت أنه لم يتم تحديد سبب الوفاة في مكان الحادث بعد. وتعد هذه هي الحالة الحادية عشرة على الأقل لوفاة المهاجرين/ات المبلغ عنها على الحدود أو بالقرب منها منذ بدء الأزمة.
تفاقمت أزمة المهاجرين على الحدود البيلاروسية مع لاتفيا وليتوانيا وبولندا حيث يتدفق المهاجرون والمهاجرات. وتأتي الخطوة من بيلاروسيا بإستخدام المهاجرين/ات في هذا الصراع السياسي ردا على العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي في أعقاب حملة القمع ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة الذين طعنوا في نتائج الانتخابات في أواخر عام 2020، والتي اعتبرتها العديد من الدول مزورة، مما سمح للحاكم طويل الأمد ألكسندر لوكاشينكو بالبقاء في السلطة.
تصاعد التوتر بشكل حاد في 8 نوفمبر عنما اقترب عدة آلاف من الحدود البولندية من بيلاروسيا ورفضوا مغادرة المنطقة. حاول بعضهم دخول بولندا بتدمير سياج من الأسلاك الشائكة. واتهمت دول الاتحاد الأوروبي مينسك، عاصمة بيلاروسيا، بالتصعيد المتعمد للأزمة ودعت إلى فرض عقوبات. حيث بدأت مينسك في نقل المهاجرين جواً، ومعظمهم من الشرق الأوسط وأفغانستان، إلى بيلاروسيا ثم نقلهم إلى دول الاتحاد الأوروبي المجاورة: بولندا ولاتفيا وليتوانيا. ورد أعضاء الكتلة هؤلاء بإرسال قوات عسكرية للسيطرة على الحدود وإقامة الأسوار.
فرضت بولندا حالة الطوارئ في أوائل سبتمبر، ومددتها حتى نهاية هذا الشهر كرد فعل على تدفق المهاجرين، وأغلقت السلطات البولندية المعبر يوم الثلاثاء الماضي، مع لقطات جوية تظهر تجمعات كبيرة في المنطقة، ومنعت الصحفيين أو مراقبي حقوق الإنسان من التواجد قرب الحدود، كما دفعت بآلالاف القوات من أمن الحدود أمام المهاجرين والمهاجرات.
وصف المهاجرون الحدود البيلاروسية البولندية لهيومن رايتس ووتش بأنها “مكان للعنف الوحشي، حيث احتُجزوا قسرا في أماكن مفتوحة دون مأوى أو طعام أو ماء لأيام إلى أسابيع، وهم عرضة للسرقة وغيرها من الانتهاكات، ومُنعوا من العودة إلى مينسك أو بلدانهم الأصلية”. وأخبروا كيف دفعهم حرس الحدود البيلاروسيين – بالقوة وسوء المعاملة – لمحاولة دخول بولندا مرة أخرى، وفي معظم الحالات دون جدوى، مما أدى فقط إلى إعادتهم القسرية إلى بيلاروسيا والمزيد من الانتهاكات.
انتقدت دول الاتحاد الاوروبي طريقة تعامل بولندا مع الموقف، قائلة إن السلطات بحاجة للتأكد من أن أمن الحدود “لا ينبغي أن يأتي على حساب حياة الأشخاص”. وطالبت وكالات أممية وحلف الناتو بيلاروسيا بوقف هذه الإجراءات واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والامتثال للقانون الدولي”.
وطالبت منظمة الهجرة الدولية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بحل عاجل لأزمة المهاجرين/ات على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، حيث تم تسجيل العديد من الوفيات المأساوية خلال الأسابيع الماضية.
وأكدت المنظمتان على ضرورة ضمان سلامة المهاجرين/ات والحقوق الإنسانية، والوصول الفوري دون عوائق إليهم لتقديم المساعدات، كما شددتا على أن استغلال المهاجرين/ات كوسيلة لتحقيق غايات سياسية أمر مؤسف ويجب أن يتوقف.