بعد مرور ما يزيد عن شهرين على حادث غرق مركب بيلوس قبالة السواحل اليونانية والتي كانت تقل حوالي ٧٥٠ مهاجر -مع وجود اتهامات لقوات حرس الحدود اليونانية بإغراقها- نجى منهم ١٠٤ شخص وبدأت عملية بحث نتج عنها انتشال ٨٢ جثة من غرقى المركب حتى توقفت يوم ٧ يوليو ٢٠٢٣، وكان بين المهاجرين علي المركب حسب شهادات الأهالي حوالي ٢٥٠ مصري، نجا منهم ٤٣ فقط. تم التعرف على ١٤ جثة لمهاجرين مصريين، ولا تزال العدالة غائبة وجبر الضرر لذويهم لم يتحقق.
بحسب شهادات العائلات كان المركب المنكوب يقل من بين ركابه ما بين ٢٠٠ – ٢٥٠ مهاجر مصري من محافظات مختلفة، رغم ذلك تأخرت الاستجابة المصرية وكان أول بيان رسمي صادر من القاهرة بعد الحادث بثلاثة أيام، يوم ١٧ يونيو من وزارة الخارجية ثم أتبعه بيان وزارة الهجرة، متضمنا التعازي وتوضيح دور السلطات المصرية في مكافحة “تهريب المهاجرين”، ولم يحوي البيانين أية معلومات قد تساعد عائلات الضحايا وذويهم.
ثم صدر أول توضيح بخصوص الركاب والإجراءات التي يجب على ذوي الضحايا اتباعها يوم ١٩ يونيو ٢٠٢٣ -من وزارة الخارجية المصرية- بتشكيل لجنة مختصة لمتابعة تداعيات الحادث واستقبال طلبات العائلات والتواصل معهم بعد حملة من الاستغاثات والنداءات أطلقتها عائلات المفقودين والضحايا، طلبت اللجنة من العائلات السفر للقاهرة لإجراء فحص الحمض النووي DNA فقط، ولم يكن للجنة أي دور معلن أو غير معلن من حيث الدعم القانوني أو المادي للضحايا وأسرهم، ولم يعلن حتى الآن عن اختصاص هذه اللجنة، ويعد تشكيل هذه اللجنة غريبا وغير مفهوم خصوصا بعد صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٣٦٩ لسنة ٢٠٢٣ بشأن إنشاء وتنظيم “صندوق حماية ومكافحة الهجرة غير الشرعية وحماية المهاجرين والشهود”، الذي يختص بمساعدة المجني عليهم من المهاجرين وكذلك حماية الشهود في “الجرائم” ذات الصلة بالهجرة غير النظامية.
ويختص الصندوق حسب المادة ٣٢ من القانون بتقديم المساعدة المالية والتنسيق مع الجهات المختصة لتقديم المساعدة الطبية والقانونية، وتعويض المهاجرين المهربين والشهود والمجني عليهم والتنسيق مع الجهات المختصة لتقديم رعاية طبية ونفسية خاصة بالفئات المستضعفة من النساء والأطفال.
رغم تشكل لجنة بقرار من وزير الخارجية بتاريخ ١٩ يونيو ٢٠٢٣ وكذا إنشاء “صندوق حماية ضحايا الهجرة غير الشرعية”، لم تصدر بيانات لاحقة بعد الحادثة أو إعلان نتيجة العينات، أو تقديم التعويض الضحايا وأهاليهم أو سبل تقديم الدعم النفسي أو الدعم القانوني، أو أي شيء مما تشكل الصندوق واللجنة لأجله.
ثم اتهمت أثينا ٩ مهاجرين مصريين “بتهريب بشر بطريقة غير قانونية والتسبب بقتل مهاجرين نتيجة الإهمال”، وما تزال التحقيقات معهم جارية وصدرت تقارير من عدة منظمات حقوقية ووسائل إعلام تفيد بضغط السلطات اليونانية على الناجين للشهادة ضدهم للتملص من مسؤولية الحكومة اليونانية عن الحادث، وعلى الرغم من ذلك لم توضح الحكومة المصرية موقفها من تقديم الدعم القانوني للمتهمين المصريين ولا المهاجرين الناجين.
وكانت “منصة اللاجئين في مصر” طالبت في بيان لها الحكومة المصرية بالالتزام بما يفرضه القانون المصري من التزامات تقضي بتقديم الدعم للناجين وعائلات الضحايا والمفقودين وعليه ندعو جميع الأطراف المعنية:
الحكومة المصرية:
- تقديم الدعم القانوني والمادي لعائلات الضحايا المصريين الناجين من حادث غرق مركب بيلوس، بالواجب المقرر عليها في الدستور والقانون رقم ٨٢ لعام ٢٠١٦، والإسراع في إجراءات جبر الضرر للضحايا وذويهم وتقديم العون لهم.
- توضيح دور السلطات المصرية في تقديم المساعدة للمهاجرين وأسرهم والناجين من الحادث، وتوضيح دور اللجنة المختصة والصندوق بمتابعة تداعيات الحادث وضمان توفير المساعدات اللازمة للعائلات المتضررة.
- التعاون مع منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية لضمان تحقيق العدالة والتعويض للضحايا.
- توفير التوجيه والمساعدة للعائلات المتضررة فيما يتعلق بالإجراءات المتعلقة بالتعرف على الجثث والتشريح وإجراءات نقل الجثامين.
الحكومة اليونانية:
- القيام بتحقيق شفاف ومستقل حول ملابسات حادث غرق مركب بيلوس ونشر نتائجه للعام.
- تقديم الدعم والمساعدة للناجين من الحادث والتعاون مع المنظمات الإنسانية لضمان رعايتهم واحترام حقوقهم.
- التحقق من اتهامات بالإهمال وضغط الحكومة على الناجين والشهود، والعمل على تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين إذا تبين وجود انتهاكات.
- توفير مساعدة طبية ونفسية للناجين والمتضررين من الحادث.
الاتحاد الأوروبي ومؤسسات المجتمع الدولي:
- الضغط على الحكومة اليونانية لضمان تحقيق عادل وشفاف بشأن حادث غرق مركب بيلوس ومحاسبة المسؤولين.
- تشجيع تنفيذ إصلاحات هيكلية تضمن حماية حقوق الأشخاص المتنقلين وضمان سلامتهم/هن أثناء الهجرة، والعمل على تعزيز الوعي العالمي بقضايا الهجرة غير النظامية وحقوق الإنسان للأشخاص المتنقلين والضغط على الدول باحترام الالتزامات الدولية في هذا الصدد.
- التعاون مع منظمات المجتمع المدني للعمل مع الحكومتين على ضمان حقوق الضحايا والناجين.